ومن الأمور أن الدجال لن يسمح له بدخول مكة والمدينة، قال صلى الله عليه وسلم:(على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال).
وقال:(لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذٍ سبعة أبواب على كل باب ملكان) وقال: (وإنه يمكث في الأرض ولا يقرب أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور).
هناك مدينتان لا يدخلهما: المدينة ومكة، وهناك أربعة مساجد لا يقترب منها الدجال: مسجد مكة أي: الكعبة، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور.
وقال عليه الصلاة والسلام:(يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى إذا جاء دبر أحد) يعني: خلف جبل أحد وفي رواية -أنه يصعد أحد ويرى من بعيد يقول لمن حوله: أترون القصر الأبيض- يقصد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم:(حتى إذا جاء دبر أحد تلقته الملائكة فضرب وجهه قبل الشام هناك يهلك -يعني: في الشام -) مرتين قالها صلى الله عليه وسلم.
وقال:(ليس من بلد إلا سيطأه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة حافين -محيطين- تحرسها، فينزل بـ السبخة) وفي رواية: (فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه) أي: ينزل ويعسكر هناك مع من معه.
وفي رواية:(حتى ينزل عند الضريب الأحمر -موقع قرب المدينة - عند منقطع السبخة -وهي: الأرض المالحة التي لا تنبت نباتاً- فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، يخرج إليه منها -إلى الدجال- كل كافر ومنافق) أي: المدينة ومكة فيها كفرة وملحدين وتاركين للصلاة ومستهزئين بالدين، والآن مكة والمدينة فيها تراك صلاة بالكلية، وفيها أناس يسبون الدين، وفيها ملاحدة، فإذاً لما يأتي الدجال صح أنه لا يدخل مكة والمدينة، لكن المنافقين والكفار في مكة والمدينة ترجف بهم الأرض فيخرجون إلى الدجال، ولا بد أن يفتنوا؛ لأنهم كفار ومنافقون، ويبقى صلحاء الناس في المدينة ومكة، وهي كالحصن الحصين لا يستطيع الدجال أن يدخلها.
ولذلك جاء في حديث تميم الداري لما وجدوا الدجال موثقاً وحدثوه وحدثهم، قال لهم:(وإني يوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً، ممدوداً يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونه) وهذا يعتبر من فضائل مكة والمدينة.
وهذا يقودنا إلى درس مهم، وهو أهمية الأماكن المقدسة في صد أعداء الإسلام، الرسول صلى الله عليه وسلم وضح أن لـ مكة والمدينة مناقب، وأن لها أدوار في صد أعداء الإسلام، ولذلك لا بد من العناية بالأماكن المقدسة وحمايتها وصيانتها عن كل كافر وباغ وعدوٍ وعن كل شر وفتنة، وعن كل شيء مخالف للدين؛ لأن هذه الأماكن المقدسة تلعب أدواراً عظيمة في صد أعداء الله، وإن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها، وإن الإيمان يتردد بين المدينتين بين مكة والمدينة، وإن الحجاز أرض مباركة، بارك الله فيها وجعل الإيمان يأوي إليها، ولذلك فإن الإجرام في مكة والمدينة، ليس كالإجرام في غيرهما من البلدان.