في طلب الحديث هناك تدرج، وكيف يبدأ الإنسان؟ مثلاً: إذا بدأ يبدأ بـ الأربعين النووية، ثم ينتقل إلى كتاب أوسع مثل عمدة الأحكام وهكذا، ويجعل العلل آخر ما يدرس في الحديث؛ لأن أصعب شيء في علم الحديث هو علم العلل.
وكذلك ينتبه دارس الحديث إلى جمع الطرق، لأن جمع الطرق تتبين فيه أشياء كثيرة، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: إذا لم يجمع طرق الحديث لم يفهم، والحديث يفسر بعضُه بعضاً، أي: الطرق تجد زيادة في الحديث تفسر لك الحديث الآخر، وهكذا.
وكذلك أن يعلم صحيحه من سقيمه، هذا من الأشياء المهمة جداً في علم الحديث.
ومن هنا نعلم أن الذين يدرسون المصطلح ثم يغوصون في الأسانيد والرجال، وهذه قضية لها لذة، لا شك أن دراسة المصطلح والأسانيد والرجال لها لذة، وتعلمها سهل، والنتائج سريعة، وكثير من هؤلاء يصدرون المؤلفات، حققه فلان وخرجه فلان، وعلق عليه فلان، يجب أن نعلم أن هؤلاء القاصرين المقتصرين على المصطلح والجرح والتعديل، ليسوا طلبة علم حقيقيين، نعم قد تفيد مجهوداتهم في أشياء، قد يسهِّلِون لطالب العلم المبتدئ الذي يريد أن يؤصل نفسه إذا قرأ في كتب العلم أن يعرف الصحيح من الضعيف، لكنَّ هؤلاء المخرجين والمحققين كثير منهم ليسوا بأهل علم، لكن الآن أصحاب دور النشر الكتب الرائجة في السوق الكتب المخرجة والمحققة، تريد أن تشتغل، تريد أن تؤلف؟ ألِّف في التخريج والتحقيق، فهم إذاًَ يتجهون لهذا من باب التكسب والمتاجرة لا لطلب العلم، وقد لا يبتغون فيها وجه الله، وتجد الواحد منهم يعارض أقوال فحول العلماء لمجرد أنه عرف كيف يخرج رجالاً من كتب، ويتكلم في إسناد، فهؤلاء ليس لهم في طلب العلم المؤسَّس نصيب وافر ولا طريقة صحيحة.
وينبغي على من يشتغل في التخريج أن ينقل كلام العلماء المتقدمين في التصحيح والتضعيف، وألا يحكم هو بنفسه في البداية، لأن الحكم يحتاج إلى تعمق وخبرة، وهذا له سنوات معدودة يشتغل في هذا، ثم يخالف كلام العلماء الكبار، فينبغي على طالب العلم ألا يأبه بقول هؤلاء إذا خالفوا الراسخين.