وقد تكون الغارات التي يرسلها صلى الله عليه وسلم للاستيلاء على قوافل المشركين في حرب اقتصادية، ونهب أموال الكفار التي أباحها الله؛ لأنهم من المحاربين وأموال المحاربين حلال، فإن الكفار عند المسلمين على ثلاثة أنواع: كافر مسالم، وكافر محارب، وكافر ذمي يعيش في بلاد المسلمين تحت حماية المسلمين ويدفع الجزية، والمعاهد مثله، فبينه وبين المسلمين عهد، أو دخل رجل كسفير للكفار يبلغ رسالة، فهذا يعطى أماناً حتى يبلغ الرسالة ويخرج، فمواقف المسلمين من الكفار بحسب أحوال الكفار أنفسهم.
فهؤلاء الكفار المحاربون أموالهم حلال للمسلمين، فلو نهب المسلمون في فلسطين -مثلاً- أموالاً لليهود فهي حلال لهم؛ لأن هؤلاء اليهود محاربون، وكذلك لو نهب المسلمون في كشمير -مثلاً- أموال الهندوس الذين يحاربونهم، وقطعوا القوافل، ونهبوا البضائع، أو نهبوا أموال الجيش الذي يقاتلهم فهي حلال للمسلمين، لكن نهب أموال الكافر المسالم الذي لا يحارب المسلمين، أو الكافر المعاهد لا يجوز، والمعاهد هو الذي أعطاه المسلمون -وليس الكفار ولا المجرمون ولا المنافقون ولا الطواغيت- بل الذي أعطاه المسلمون العهد والأمان فماله محترم، أي له حرمته، ولا يجوز أن ينهب.
وهناك بعض المسلمين الذي يعيشون في بلاد الكفار أو في بلاد الغرب يسرقون أموالاً من شركات اتصالات، وشركات نقل عام بحجة أنهم كفار، وهذا جهل؛ لأن المسلم الذي دخل بلادهم بعهد فلا يجوز له أن ينهب الأموال العامة عندهم، ولا يستطيع أن يثبت أن أصحاب شركة الهاتف هذه، أو أصحاب شركة النقل هذه يحاربون الإسلام، فإن المحارب للإسلام هو الذي رفع السلاح على المسلمين وأعان على حربهم، فقد يتساهل بعض المسلمين بالأخذ من أموال الكفار بحجة أنهم حربيون مع أن المسألة ليست كذلك.
فينبغي أن يُنّزل كل شيء في موضعه، وألاَّ ندخل في ظلم، فهناك أناس حربيون لا شك فيهم كاليهود في فلسطين فهم حربيون (١٠٠%) ومحتلون، وغاصبون، وقاهرون، وباغون، ومحاربون، ومقاتلون، وكل ما يمكن أن يقال عن الكافر المحارب فهو فيهم، فهؤلاء كل أموالهم حلال للمسلمين.
وقد يكون بعض الكفار أموالهم حلال، لكن جنس الطائفة أو الديانة التي هو منها أموالهم محترمة، فليس كل نصراني محارب ولا كل يهودي محارب، وكلٌّ بحسب حاله، وفقه هذه المسألة مما يعين في قضية الموقف من أموالهم؛ لأن بعض المسلمين عن جهل وعن هوى يسلبون أموال الكفار بدون حجة شرعية، وهذا حرام لا يجوز.