الأمر الثالث: الابتعاد عن مصدر الفتنة، وهذا أمرٌ مهمٌ -أيها الإخوة- لدرجة أن بعض العلماء قالوا في علاج مثل هذه الحالات المشكلة: أن يبتعد الشخصان عن بعضهما حتى لا يرى أحدهما الآخر، ولا يسمع له خبراً، ولا يقف له على أثر، وإن كان في حي هو معه فيه، فإنه ينتقل إلى حي آخر، وإذا لم ينته الأمر بهذا، فإنه يترك بلده للبلد الآخر، فإن هذه الهجرة في سبيل الله، ولكن من استعان بالله قد لا يضطر إلى اللجوء إلى هذه الحلول، أما إذا تضايقت الأمور، ولم يتمكن الإنسان من علاج نفسه إلا بالمفارقة الكلية، فلا بد من فعلها والإقدام عليها.
وكذلك التعلق بالله عز وجل، وازدياد الأمور التي تحبب هذا الإنسان بالله تعالى تطرد حب هذه الأشياء إلى الخارج، أنت عندما تحب امرأة، أو تتعلق بإنسان ما، ثم بعد ذلك تسلك السبل التي تزيد محبة الله في نفسك من فعل الطاعات، والإكثار من النوافل، وقراءة القرآن، وتعلم العلم النافع، والاشتغال بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ هذه الأمور -أيها الإخوة- تساعد في طرد محبة هذا الشخص سواءً كان رجلاً أو امرأةً من هذا القلب الذي مرض به، وتدبر معايب المتعلق به كما ذكرنا، وإشغال الذهن بالمفيد، فإن كثيراً من الناس الذين ابتلوا بما يسمونه الحب أو العشق يشغلون أذهانهم ليلاً ونهاراً، ولذلك -وهذه من المصائب للأسف في هذا العصر- ترى شعرهم الذي يكتبونه كله في هذه القضية، إذا فتحت صفحات جرائد ومجلات كثيرة، تجدها ممتلئة تماماً بهذه القصائد التي فيها مخاطبة الحبيب والحبيبة، لماذا؟ لأن العشق تمكن من قلوبهم حتى صاروا يصدرون أشعاراً تعبر عن مواقفهم تجاه هذه الأمور المحرمة، فاشتغل ذهنه بهذا الأمر، فصار يصدر أشعاراً تعبر عن ما في قلبه، ولو أنهم أشغلوا أذهانهم بالأشياء المفيدة كطلب العلم، والتفكر في الأمور التي تدل على الله عز وجل، وخشية الله عز وجل، فلو شغل الإنسان نفسه بمشاكل الدعوة إلى الله عز وجل، لما وقع في هذه المشاكل مطلقاً.