للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من حقوق الأهل: الإنفاق عليهم واحتساب ذلك]

من حق الأهل الإنفاق عليهم، إن معيل الأسرة له أجر عظيم، عن أبي مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة) رواه البخاري وانتبهوا معي إلى هذا الحديث؛ لأن فيه أمراً لو انتبهنا إليه فستكثر حسناتنا إن شاء الله، ولو لم ننتبه إليه فستفوت علينا حسنات كثيرة جداً جداً.

لاحظ الحديث مرة أخرى (إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة) لقد ربط الصدقة بالاحتساب، فما هو الاحتساب؟ قال ابن حجر رحمه الله: الاحتساب القصد إلى طلب الأجر، ويستفاد منه أن الأجر لا يحصل بالعمل إلا مقروناً بالنية، ولهذا أدخل البخاري حديث أبي مسعود المذكور في باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، وقوله (على أهله) يحتمل أن يشمل الزوجة والأقارب، والنفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما للصدقة من أجر، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم.

إذاً: لا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع.

كم الذي نصرفه على مقاضي البيت وأغراضه؟ كثير، متى تؤجر عليه؟ إذا احتسبت عند الإنفاق ونويت وقصدت أجر الإنفاق على الأهل، كم واحداً فينا عندما يصل إلى آلة المحاسبة أو إلى العامل الذي يحاسب في باب البقالة يحتسب عند الدفع أجر الإنفاق على الأهل، ويقصد أجر الصدقة وثوابها؟ كم فاتنا من الأجر؟ وكم سيفوت إذا ما انتبهنا لهذا؟ لذلك ابن حجر رحمه الله قال: المراد بالاحتساب القصد إلى طلب الأجر.

فيا أخي، يا عبد الله إذا أتيت تحاسب المحلات على طعام لبيتك أو ملابس لأولادك أو أشياء لزوجتك فعليك أن تحتسب الأجر، هذه نصيحة لوجه الله.

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن واحداً من أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة قال في عمله الذي دعا الله وتوسل به: إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء بالحلاب فآتي به أبواي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي.

والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحبس لأهله نفقة سنة.

طبعاً بهذا الكلام لا يعني أن ننسى الصدقات الأخرى، وننسى إخواننا في الشيشان وفي غيرها، ونقول: كله للأهل لا.

بل ينبغي أن يكون لجوانب الخير الأخرى نصيب من صدقاتنا، وألا نسرف في الإنفاق على البيت؛ لأن بعض الناس يصرفون أكثر من المطلوب وزيادة على الحاجة، ثم يقول: ما عندنا والله يا أخي شيء نتصدق به، كله صرفناه على البيت.

وقد يكون رمى من الطعام أشياء كثيرة، والاقتصاد من النبوة، فأين الاقتصاد؟ أين صرف المال في وجهه الصحيح؟