مِن حكمة الزوج أن المباعدة بين الزوجتين حلٌّ مِن حلول الغيرة، المباعدة بين الزوجتين حلٌّ من الحلول لمواجهة الغيرة، والغيرة من شأن النساء، وأن غيرة المرأة لا تقدح في صلاحها إذا لم تتعدَّ حدود الله، وأن المرأة يغتفر لها من الغيرة ما لا يغتفر لغيرها:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] لأن المرأة أحياناً تكون خارجة عن إرادتها.
لما جيء للنبي عليه الصلاة والسلام وهو عند عائشة بإناء فيه طعام من إحدى زوجاته، بمجرد ما رأت عائشة الإناء قالت: في بيتي؟ -ترسله في بيتي- فأخذت الإناء ورمته في الأرض، وانكسر، والنبي عليه الصلاة والسلام بكل حكمه، لَمْلَمَ الطعام وجمعه، وأخذ فلقتَي الإناء، وقال:(كلوا، غارت أمُّكم) أي: عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأخذ من بيت عائشة إناءً، وأرسل به إلى تلك بدل الإناء المكسور، واحدٌ بواحد، وقال:(كلوا، غارت أمُّكم) ولا عنَّف ولا شتم ولا سب ولا هجر.
وكذلك عائشة رضي الله عنها لها مشاهد كثيرة، تغار فيها غيرة شديدة، وغارت من خديجة مع أن خديجة ميتة، ماتت قبل عائشة بزمن، ومع ذلك تقول:[ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة]، وكانت تقول:(ما تريد من عجوز حَمْراء الشِّدْقَين، قد أبدلك الله خيراً منها -كل شيء خديجة وخديجة وخديجة - قال: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد).
فالغيرة تقع حتى بين كبار الصالحات، وهكذا وقع بين سارة وهاجر غَيرة، لكن الأمر المهم هو التصرف الحكيم للزوج، هو الذي يضع الأمور في نصابها، رأى إبراهيم بحكمته أن يباعد بينهما، فوضع سارة في الشام وهاجر في مكة.