عباد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغالِ في وليمة الزفاف، بل كان يفعل ما تيسر، فقد جاء في صحيح البخاري عن صفية بنت شيبة، قالت:(أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير) وأقرب من يوصف بذلك هي أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فإنه قد جاء في مسند أحمد أنها قالت:(فأخذت ثفالي وأخرجت حبات من شعير -كانت عندها- وأخرجت شحماً فعصدته، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم يقدم ذلك الطعام) وقوله لـ عبد الرحمن: (أولم ولو بشاة) هو للمقتدر الميسر، وفيه تأكيد أمر الوليمة، وأنها تتأكد وتستدرك ولو بعد الدخول بوقت.
والنبي صلى الله عليه وسلم تفاوتت به الأحوال، فمرة أطعم الناس حيساً مما جاءوا به، ومرة أولم على زينب باللحم، كما جاء في الحديث الصحيح عن أنس:(ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أولم على أحد من نسائه ما أولم عليها -أي على زينب - أولم بشاةٍ، وأشبع الناس خبزاً ولحماً، وكفتهم تلك الشاة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم) فلا معنى للمغالاة والتكلف الذي يفعله بعض الناس، وينبغي على الإنسان أن يجيب ولو كان صائماً، فإن كان صائماً فليصل، أي: يدعو لأصحاب الوليمة، وإن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر، وإلا فالأفضل الصيام، والصيام ليس عذراً في ترك الإجابة، وكانوا قديماً يدعون للوليمة على الغداء، وأما عامة فعل الناس اليوم فهو على العشاء، وكلاهما صحيح، ولا بأس بذلك.