ولما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسب، فللأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثير في أسمائها سواء كان في الحسن أو القبح، أو الخفة والثقل، أو اللطافة والكثافة كما قال الشاعر:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
كان عليه الصلاة والسلام يستحب الاسم الحسن، وإذا أرادهم أن يبرزوا إليه بريداً أمرهم أن يجعلوه حسن الاسم حسن الوجه حتى لا يحصل تشاؤم من أصحاب النفوس المريضة، وحتى يكون هناك مجالٌ للتفاؤل من أهل التوحيد.
وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، (كما رأى عليه الصلاة والسلام في منامه ليلة أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع فأتوا برطب من رطب ابن طاب فأوله صلى الله عليه وسلم -أول هذا المنام- بأن لهم الرفعة في الدنيا من كلمة رافع، والعاقبة في الآخرة من كلمة عقبة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب، وذلك عندما أتي برطب ابن طاب).
وكذلك تأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو فقال عليه الصلاة والسلام:(سهل لكم من أمركم) فتفاءل باسم سهيل عندما قدم عليه.
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واسمها يثرب زال عنها ما في لفظ يثرب من التثريب وحل فيها الطيبة التي تضمنها اسم طابة أو طيبة كما سماها الله عز وجل ورسوله.