أما عذر النفس بالذنوب، أو عذر العباد في تقصيرهم في حقوق الله تعالى، فهذا مزلق عظيم يؤدي إلى معذرة عبدة الأصنام والأوثان، وقتلة الأنبياء، وعذر فرعون وهامان، ونمرود بن كنعان وأبو جهل وأصحابه، وسيؤدي بك الأمر إلى إعذار إبليس وجنوده، وكل كافر وظالم ومتعدٍ لحدود الله.
ثم إن من عقيدة أهل السنة والجماعة الموالاة والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله، وكثيرٌ من المسلمين -اليوم- يحبون من أبغض الله، ويبغضون من أحب الله، ويوالون من عادى الله، ويعادون من والى الله، زالت عقيدة الولاء والبراء من نفوس هؤلاء الناس، هذا الرجل المجرم العاصي الفاسق المتعدي على حدود الله، والمنتهك لأوامره ولشرعه؛ أنت تحبه والله يبغضه، أنت تواليه والله يعاديه، كيف يكون هذا؟! كيف تكون أنت رجلاً مسلماً وأنت توالي من عادى الله! إذا عذرت الناس بالقدر على معاصيهم، فإنك توالي أعداء الله، وتحب أعداء الله.
الاحتجاج بالقدر -أيها الإخوة- يؤدي إلى فساد عقيدة الولاء والبراء، وهكذا الشرك والكفر، هذه الظلمات يؤدي بعضها إلى فساد بعض، ويعود بعضها بالنقض على بعض.
إذا اختل شيء بذاك الأساس تضاعف في الصرح ذاك الخلل
إذا كانت العقيدة مهزوزة، وفيها شروخ وأخطاء انعكس ذلك على العمل، وعلى المواقف من النفس والناس الآخرين، فلابد من تصحيح عقيدة الولاء والقدر في نفوسنا، ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى؛ أن يصفي عقائدنا من دخن الشرك والكفر والزيغ والبدع، اللهم واجعلنا على عقيدة أهل السنة والجماعة سائرين، وبتوحيدك متمسكين، وبسنة نبيك صلى الله عليه وسلم متشبثين.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد الأبرار.