هناك أشياء في الصبر لا بد للإنسان المسلم منها، أحياناً يتصور الإنسان أن الصبر هو على قضية البلاء، لكن -أيضاً- لا بد أن يتصور الإنسان المسلم أن الصبر على النعماء لا يقل شدة عن الصبر على البلاء، ولذلك يقول بعض السلف:"ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر".
أحياناً الإنسان في مواجهة التحدي والمصاعب يصمد ويصبر، لكن إذا فتح عليه من زهرة الدنيا وزينتها لا يصبر.
ويقول بعض السلف أيضاً:"البلاء يصبر عليه المؤمن والكافر، ولا يصبر على العافية إلا الصديقون".
فعلاً! قد تجد بعض الكفار يصبرون على البلاء، قد تجد كافراً لا يتسخط ولا يشتكي، لكن لا يصبر على العافية إلا المخلصون والصديقون، فإذا جاءتك نعمة من الله عز وجل فكيف يكون صبرك عليها؟ أولاً: ألا تركن إليها ولا تغتر بها؛ هذا من الصبر في حال النعمة.
ثانياً: ألا تنهمك في نيلها وتبالغ في استقصائها، كمن يبالغ في الأكل والشرب والجماع، حتى يؤدي ذلك إلى ضد ما يتمنى، فيؤدي به الإفراط في الأكل والشرب إلى التخمة، وإلى أن يضطر إلى أن يحمي نفسه عن الأكل والشرب، ويؤدي به الإفراط في الجماع إلى استنزاف قواه، وخور قواه العقلية أيضاً، ولذلك لا بد أن يحفظ الإنسان نفسه ولا يفرط في هذه الأشياء.
ثالثاً: الصبر على أداء حق الله في هذه النعم، حتى لا يضيع الإنسان هذه الأشياء فيسلبها الله منه.
رابعاً: أن يصبر عن صرف هذه الأشياء في الحرام؛ هذا كله من صبر النعمة.
وكان بعض الصالحين يحمل في جيبه رقعة يخرجها كل ساعة فيطالعها إذا غفل، وكان مكتوب فيها:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}[الطور:٤٨] فإن الإنسان قد يصبر في الضراء لكن لا يصبر في السراء، فيجب أن يكون الصبر مصاحباً له في جميع الأحوال.