للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع تعلق الأرواح بالأجساد]

ثم إن الله عز وجل يقبض الأرواح عند النوم فيكون لها تعلقٌ بالأجساد من نوع يختلف عن حال اليقظة؛ لأن الأرواح تتعلق بالجنين حينما يرسل الملك لينفخ الروح، فإذا خرج إلى الدنيا وصار إنساناً يمشي أو يبكي ويبحث ويأكل الطعام صار لها تعلق آخر، فإذا نام صار لها تعلق آخر، فإذا مات صار لها تعلق آخر فإذا بعث صار لها تعلق آخر، وهكذا يتقلب الإنسان مع روحه في أطوار مختلفة: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق:١٩] أي: حال بعد حال.

وقد نام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في السفر بعدما تكفل بلال بإيقاظهم لصلاة الفجر فغلبه النوم، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس، فقال لأصحابه: (إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال! قم فأذن بالصلاة) الحديث، ولذلك يقول المسلم حينما يقوم من فراشه إذا اضطجع قبل ذلك: (باسمك ربي، وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، فإذا استيقظ فليقل: (الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد عليَّ روحي، وأذن لي بذكره) حديث صحيح يدل على أن الروح تخرج من الجسد عند النوم، ولكن يبقى لها معه تعلق واتصال، ولذلك يستمر في التنفس والحياة، وإلا فلو كان خروجاً كلياً كخروجها عند الموت لكان لجسده شأن آخر فيما يحدث له من البلى والفناء إلا عجب الذنب الذي يُركب منه الخلق يوم القيامة.