أولاً: ذكر الإيجابيات والثناء على الحسنات للشخص المنصوح، كل شخص مهما كان شريراً فإن فيه جوانب خير وفيه إيجابيات، فإذا أردت يا أخي الناصح أن تكون نصيحتك ذات وقع حسن، فعليك أن تذكر في ثنايا الكلام وطيات الحديث شيئاً من إيجابيات الشخص الذي يقف أمامك يستمع النصيحة، وشيئاً من مزاياه الطيبة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستخدم هذا الأسلوب مع الكفرة، حيث كان يستميل قلوبهم بتلك الألفاظ الحسنة التي فيها ذكر لبعض سجاياهم، حتى مع المسلمين كان صلى الله عليه وسلم يستخدم هذا الأسلوب، كان يقول:(إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) لأن هذا الرجل فعلاً فيه هاتان الخصلتان، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لـ أشج عبد القيس وكان من عظماء قومه يتألف قلبه ويستميله ويثني على ما فيه من الخصال الحميدة لأهداف متعددة، حتى يستأنس هذا الشخص ويميل قلبه ويقتدي الآخرون بهذه الصفات الحميدة التي عند هذا الرجل.
إذاً: استخدام عبارات الاستمالة في النصيحة من الأمور المشجعة على قبولها، فمثلاً عندما تقول: يا أخي! مثلك لا يخفى عليه أن هذا الأمر كذا وكذا، أو تقول مثلاً: أنت يا أخي! في مقام أعلى من أن ترتكب هذا الأمر، أو أنت -مثلاً- أوعى من أن يصدر منك هذا الفعل السيئ، أو تقول له معنى قول الشاعر:
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
تقول: يا أخي! أنت الحمد لله عندك ميزات وعندك قدرات وإمكانيات، وعندك كمال في جوانب كثيرة، وعندك استعداد لتكمل النقص في نفسك في الجوانب الفلانية، فهلا أكملت النقص في هذه الأشياء، والحمد لله أن الله أعطاك قدرات ومواهب وأعطاك إمكانية واستطاعة لتتلافى هذه الأشياء، وتؤسس في نفسك الخصال الحميدة الفلانية، وتمنع هذه الأخلاق الرديئة من البروز والظهور بصبرك على نفسك، وبقوة نفسك وشخصيتك تستطيع أن تفعل كذا وكذا، هذه من العبارات التي تستمال بها قلوب الناس.
وأحياناً يقول الإنسان: هذه أساليب مكشوفة، أو يقول: هذه كلمات رخيصة وأساليب ممزوجة ومكشوفة وليس هناك داعٍ لاستخدامها.
الحقيقة أن هذا ليس بصحيح على إطلاقه، لأنك أحياناً قد تستخدم هذا الأسلوب مع بعض الناس، مثلاً -يا أخي- أنت لا يتناسب مع مكانتك أن تفعل كذا، لكن لو استخدم معه هذا الأسلوب فإنه يتأثر به تأثراً إيجابياً مع أنه هو يستخدمه، هذا يلاحظه الشخص أحياناً على نفسه، فلذلك لا يقول الناصح: والله هذه أساليب مكشوفة، وهذه القضايا مستهلكة، لا.
هذه أشياء مهمة، حتى مع أن المنصوح يعرفها لكنها ذات أثر عليه.