رجل العقيدة لا يتعصب لأحدٍ، ويضع نصب عينيه القاعدة الذهبية التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من نصب شخصاً كائناً من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، ولا تجوز الطاعة المطلقة لإمام من الأئمة مهما علا شأنه، وشاع بين الناس ذكره، ولكن من يجهل حكماً من الأحكام عليه أن يستفتي الأتقياء العلماء؛ الذين يعتمدون في فتاويهم على القرآن والسنة، وينبغي أن يتحرى الدليل ما أمكن، والناس منهم من يجتهد، ومنهم طالب علم يُمحص ويقرأ ويعرف الأدلة، ويتابع القول الذي عليه الدليل الصحيح، ومنهم عامة لا يعرفون ولا يميزون، هؤلاء عليهم أن يسألوا الثقات من العلماء في بلادهم الذين يعتمدون على القرآن والسنة.
هذه المسألة ببساطة.
وفي الوقت الذي ندعو فيه إلى عدم التعصب لأحدٍ أياً كان، فإننا في ذات الوقت ننكر على أولئك النفر الذين وضعوا أنفسهم في رتبة الاجتهاد ولما يحصّلوا العلم الشرعي بعد أو قواعده الأساسية، كيف يطيرون ولم ينبت لهم الريش في أجنحتهم؟ كيف يحلقون في سماء العلم؟ هؤلاء الناس الذين يظنون أنه بمقدورهم وهم العاجزون القُصر أن يستنبطوا الأحكام الشرعية لوحدهم، وبعضهم يزعم أن علماء الحديث عنده كعمال الخدمات يقدمون له الحديث الصحيح وهو الذي يتولى فهمه وشرحه؛ هؤلاء أساءوا العلم والأدب وهم من المغرورين.
وفي ذات الوقت عليكم أن تنتبهوا من خلال قراءتكم وسماعكم لهذه الأشياء المسجلة المنتشرة إلى ألفاظ الغمز واللمز في أهل السنة الذين تجردوا عن التعصب، وهناك من يلمزهم وينبزهم ويغتابهم ويستهزئ بهم، فترى أحدهم يقول: هذه سلفية مزعومة، والآخر يقول: هذا فقه بدوي، وثالث يقول: فتيان سوء يتطاولون على أئمة العلم؛ ومقصودهم تنفير الناس من اتباع الدليل، يريدون التعصب والتقوقع.