أريد أن أقول أيضاً: إن المتقدم أحياناً قد يزور أهل الفتاة، فإذا أذن المؤذن انطلق إلى المسجد ويريهم أنه يصلي، فعندما يدخل بها يظهر على حقيقته ويظهر على تركه للصلاة، ثم تقول إحدى النساء المسكينات: لا يصلي ويقول: ما عليك مني أنا سأعاقب بالنار لوحدي، أو يقول: لا يدخل النار أحد إلا أنا؟! ويقول متباهياً لزملائه في العمل: إذا أذن المؤذن فسوف أذهب إلى النوم أو أنشغل بأي شيء.
ولا يحصل هذا الانشغال إلا إذا جاء وقت الصلاة، وهنا ينبغي عدم الانخداع بالمظاهر، أو الأشياء التي تبدو للوهلة الأولى، لا بد أن يكون هناك وعي في مسألة البحث في حال المتقدم، أحياناً يحصل المحذور ويصبح ويصير العقد على شخص، وبعد العقد يتبين حال الشخص، ولكن قبل الدخول هنا لا بد أن تكون المرأة لها موقف، وكونه حصل العقد هذا نصف المشوار، والرجوع في هذا الوقت أسهل بكثير جداً من الرجوع بعد الدخول، اسمعن إلى هذه القصة: امرأة ملتزمة في الدين عقدت على شخص، ظهر لهم في البداية أنه إنسان متدين، وكانت تخرج معه أحياناً ولاحظت مرة من المرات أن الرجل إذا ظهر صوت الموسيقى في السيارة لا يهتم بخفض الصوت، فبدأت تخاف أن هذا الرجل غير متدين، الحسن البصري رحمه الله يقول:[ما أخفى إنسان شيئاً في صدره إلا وأظهره الله على صفحات وجهه أو فلتات لسانه] هذه قاعدة مهمة جداً أرجو أن تنتبهن لها أيتها الأخوات، لذلك فإن مثل هذا الشخص قد يُكشف وهذه المرأة لما رأت الشخص عنده نوع من التهاون بهذه الأشياء أرادت أن تستدرج الرجل وكان لديها شيء من الذكاء واستطاعت أن تصل به إلى النتيجة، فسألته: ما رأيك بالمغني الفلاني؟ ثم قالت له: أنا أحب أغاني فلان، وسردت له ما تعرفه عن هذا المغني في جاهليتها، وهذا الرجل كان طبعاً في البداية مستغرب من الحديث، ولما حصل الاسترسال في الكلام عن أمور من الجاهلية وقع الرجل ثم انفتح، وقال: الحمد لله، أنا كنت أظنك متشددة ومتزمتة ولكن -الحمد لله- أخيراً ظهرنا مثل بعض، وانفتح الرجل وصار يتكلم عن المعاصي والمنكرات، والأغاني والمسلسلات، وعما يراه ويسمعه، وظن بأن المرأة مثله وهي تقول وتومئ برأسها تستدرجه: نعم ثم.
وبعد ذلك أوصلها إلى البيت فاتصل أهلها بعد ذلك، وقالوا للرجل: إن البنت لا تريدك.
ولكن الوصول إلى هذه المرحلة أصلاً خطر، لكن نقول للمرأة وللفتاة: لو حصل هذا لا يعني إكمال المشوار وقد تبين لك بعد العقد أن الرجل ليس من أهل الدين، وأنه لا يكافئك بالدين، فإذاً ليس من الخير الاستمرار معه، وطلب الفسخ والطلاق في هذه الحالة هو الشيء الذي من المفروض أن يحصل.
هناك بعض النساء يقلن في أنفسهن أمراً وهو أنها تقول: أنا معتادة الآن على عيوبه وسأحاول أن أهديه إن شاء الله، ولعل الله أن يهديه على يدي، ولعله يهتدي ويتأثر مني، هذا الكلام في الغالب لا يحصل لأسباب، منها: أن الرجل هو الأقوى، وهو المؤثر، وهو صاحب الشخصية وصاحب القوامة على المرأة، ولذلك من الصعب أن يتأثر الرجل بالمرأة، نحن لا ننكر أن هناك حالات متعددة يتأثر فيها كثيرٌ من الرجال بنسائهم، وكانت المرأة سبب هداية الرجل، وتأثر رجالٌ من تدين نسائهم، وكانت المرأة فاتحة خير كبير على الرجل، لكن أقول: إن المرأة عليها ألا تتساهل، ولا تقدم على مثل هذا إلا إذا كانت القرائن قوية جداً في إمكان إصلاح هذا الرجل، كأن يكون رجلاً مؤدٍ للواجبات على خلق حسن رجل عفيف، لكن قد يكون عنده بعض المعاصي البسيطة أقصد بالنسبة لغيره، كأن يستمع الغناء لكنه ليس متعلقاً به، إنسان قد يكون في ثوبه شيءٌ من الإسبال لكنه يقبل النصيحة، إذا توفرت القرائن على أن الرجل من الممكن إصلاحه، وتبين من مناسبات كثيرة أنه لين العريكة، وأنه يتقبل، وأنه إنسان على بداية الالتزام، فعند ذلك نستطيع أن نقول لهذه المرأة: توكلي على الله، واعزمي واستخيري الله في هذا الشخص ولا مانع من الإقدام عليه ما دام أنه يتأثر ويقبل النصيحة، وليس معانداً ولا متعجرفاً، فعند ذلك قد يكون هذا القرار فيه شيء كبير من الصواب.