للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين النصيحة والغيبة]

السؤال

هل قضية الكلام والتجريح على بعض الشباب جائزة؟ ومتى تكون؟ وهل هي دائماً أم في بعض الأحيان المهمة؟ وهل هذا يعتبر من الغيبة والنميمة؟

الجواب

هذه من المشاكل التي بلي بها العمل الإسلامي في هذا الزمان، وهي قضية كلام بعض الدعاة في بعضهم البعض، وهي راجعة إلى قلة تقوى الله، وعدم الخوف من الله عز وجل، وعدم احترام حدود الله، وعبادة أوثان وهمية مثل وثن مصلحة الدعوة، فباسم مصلحة الدعوة ترتكب جميع أنواع المنكرات من الغيبة والنميمة والكذب والخيانة وإخلاف الوعد وغير ذلك باسم هذا الوثن الذي هو مصلحة الدعوة.

نحن لا ننكر أن هناك مصالح مرسلة، وأن الشريعة مبنية على المصالح، وهذا باب، لكن أن نأتي وندخله في هذه الأشياء بين إخواننا المسلمين وأغشه وأكذب عليه وأغتابه باسم المصلحة، أين المصلحة في هذا الأمر؟! قضية التجريح مثلاً: عندما يسألك شخص عن رجل مبتدع، وإنسان ضال ومشرك وكافر ومنافق من المنافقين، وقد ثبت لديك نفاقه في ذلك الوقت فهذا يمكن من باب النصيحة تقول: احذر من فلان.

لكن تأتي إلى إنسان ظاهره الخير وتُسأل عنه، تقول: لا.

هذا إنسان مشكوك في أمره، وتبدأ تجرحه، وتلقي ظلال التهمة والريبة على هذا الشخص في نفس سائلك، هذه من الجرائم التي ترتكب من بعض الناس -للأسف- بكل سهولة، ربما لا يتحرج أصلاً ولا يسأل نفسه ما حكم هذه الكلمة التي أقولها الآن في فلان وفلان، وخصوصاً التجريح في بعض أهل العلم، والذي يجرح في العلماء هو إنسان في الغالب صاحب هوى وجهل، وإلا لما جرح في أهل العلم.

كونك تذكر ملاحظة في منهج عالم فلاني أو شيء عندما تتعرض له ويصبح فيه حاجة للتبيين، وهذا يقول لك: يا أخي! بعض العلماء يقولون بجواز سفر المرأة بغير محرم، فتقول: يا أخي! مستندهم ضعيف وليس لهم دليل، والحديث واضح وصريح، وأهل العلم قالوا بالحكم الفلاني، هذا ممكن، لكن بعض الناس بدون مناسبة وبدون سؤال وهو في مجلس يقول: العالم الفلاني جزاه الله خيراً -بعض الأشياء تأتي من هذا الباب وهو باب عجيب شيطاني- له جهود كبيرة في خدمة الإسلام، وهو إنسان عنده علم غزير ومؤلفات نافعة، ولكنه، ويأتي بعد ولكنه من المثالب والمعايب ما ينسي السامع كل المدح، فقرات المدح جاءت مقدمة فقط لاقتحام قلب الشخص، وإفراغ هذه الشتائم أو المعايب في ذلك السائل.

ولذلك بعض الناس يحتجون، يقول: العلماء يتكلمون في الجرح والتعديل، لكن في أي شيء؟ في قضية أخذ رواية الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في تمحيص الأخبار، هذه أحاديث يبنى عليها أحكام، وتبنى عليها عقائد، وأشياء يجب أن نؤمن بها، فاضطروا اضطراراً لذلك، أما أن تكون المسألة ليس فيها حديث ينبني عليه كلام رجال في السند، ولا فيها شيء من هذه الأقاويل، فيقول: علماء الجرح والتعديل تكلموا في فلان.

هل الحاجة التي كانت عند علماء الجرح والتعديل فتكلموا في فلان وفلان موجودة الآن في الشخص الذي أنت تتكلم عليه؟ قد يكون هناك حاجة كشخص يريد أن يتزوج أختك، فذهبت وسألت عنه، هناك يكون الكلام واجباً من باب النصيحة في هذا الشخص، فقط في الأشياء المهمة المتعلقة بالزواج، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم: (أما معاوية فصعلوك وأما أبو جهم فإنه لا يضع العصا عن عاتقه).

لكن لو قال لك شخص: ما رأيك يا أخي، فلان تقدم لأختي؟ فتقول: لا.

هذا فلان خطه سيئ، وهو إنسان تلاوته للقرآن غير جيدة وصوته ممل، ثم إنه يلبس ثياباً تفصيلها كذا أي: تأتي له بأشياء أو عيوب لا علاقة لها أبداً بالزواج.

أو مثلاً جاء شخص قال: ما رأيك في فلان أريد أن أشاركه في مشروع تجاري؟ فتقول له: والله فلان يا أخي يضرب زوجته كثيراً، ولا يسمح لزوجته أن تذهب إلى أهلها، ما علاقة هذا بهذا؟! فهنا يتبين لك بالكلام هذا الفرق بين الشيء الضروري الذي ينبغي أن يذكر، وبين الشيء الذي هو غيبة حقيقة ولا يجوز أن يقال.