وكذلك من الأشياء أن الرد الذي يقوله العاطس للمشمت: يهديكم الله ويصلح بالكم ولكن هل وردت ألفاظ أخرى؟ جاء في الأدب المفرد بسند صحيح عن أبي جمرة سمعت ابن عباس إذا شُمت يقول:[عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله].
وفي الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا عطس فقيل له: يرحمك الله، يقول:[يرحمنا الله وإياكم، ويغفر الله لنا ولكم] فإذاً السنة أن تقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، ولو دعوت له بالمغفرة ودعوت له بالرحمة أيضاً فقد ورد ذلك عن الصحابة.
وجاء حديث في الموطأ عن نافع عن ابن عمر:[أنه كان إذا عطس يقول له: يرحمك الله، قال: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر الله لنا ولكم] فجمع في الدعاء بين الرحمة والمغفرة.
وعلى كل حال فهذه الآداب تبين محاسن دين الإسلام، ونعمة الله على العاطس، وقد رتب عليه من الخير أنه شرع له الدعاء، وعلمه إياه، والذكر، وهو أن يحمد الله، ثم شرع الدعاء له بالخير وهو الرحمة، ثم شرع الدعاء منه للذي شمته بالخير أيضاً، وهذه نعم متواليات في زمن يسير، تصور أن رجلاً عطس فخرج منه الداء، ثم حمد الله فأجر، ثم دعي له بالرحمة، ثم دعا هو لمن دعا له، وهكذا في زمن يسير، فما أعظم هذه النعمة وهذه الشريعة! ومن تأمل هذه النعم المتوالية في شيء واحد من الأشياء التي تعرض كثيراً للناس أحب الله تعالى حباً يحدث في نفسه أكثر مما لو عبده أياماً.
وكذلك فيه تنبيه للعاطس على طلب الرحمة والتوبة من الذنب، ولذلك يقول: يغفر الله لنا ولكم.