يصيبني فتور متواصل وملل متنامٍ لا أستطيع كسره إلا بمصاحبة الأبرار وحضور الدروس والمحاضرات، لكن طبيعة عملي وأموري العائلية تمنعني من ذلك فأشعر بتدهور؟
الجواب
نعم -يا أخي- هذه ظاهرة، الآن إذا التفت إلى الناس في أعمالهم لوجدت أنه يأتي إلى المسجد فيتغير عليه الجو تماماً، لماذا؟ لأنه ماذا يوجد في العمل؟ رجل يردد كلمات أغنية وآخر يدخن وثالث يغتاب، ورابع في أخبار المباريات، وخامس يقلب مجلة ماجنة، وهكذا هذا حالهم، هذا حال المكاتب في وقت الدوام، الذي يكون في هذه الحالة من الكيفية كيف يكون إيمانه؟ يقسو قلبه لا شك، ولا بد أن يعمل ليكسب رزقه، ولذلك لا بد أن يطهر قلبه بأن يداوم الحضور في مجالس الذكر ومرافقة الطيبين، قال حنظلة رضي الله عنه:(لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنها رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات) -الضيعات: هي المعاش من المال والحرفة والصنعة- (فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنني لألقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله! نكون عندك فتذكرنا بالنار والجنة حتى كأنها رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي في الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة! ساعة وساعة).
لا بد أن نطهر ما علق في قلوبنا من الصدأ ودخان أنفاس بني آدم نطهرها بمجالسة الأخيار والأبرار وحضور مجالس الذكر، هذا هو الحل، لأن انقطاعنا عن المجتمع بالكلية، ليس أمراً عملياً، فهذا هو الحل، وقد ثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يقول لرجل:[اجلس بنا نؤمن ساعة] مجالس الذكر يمكن أن تتكون من شخصين، فالمسألة ليست صعبة.