للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حفظ النبي صلى الله عليه وسلم من قبائح أهل الجاهلية]

وقد جاء من حديث علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما هممت بقبيحٍ مما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر، كلتيهما يعصمني الله منهما، قلت ليلة لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في أغنام ٍ لأهله يرعاها: أبصر إلى غنمي حتى أسمر هذه الليلة بـ مكة كما يسمر الفتيان، قال: نعم -وافق- فخرجت فجئت أدنى دارٍ من دور مكة، سمعت غناءً وضرب دفوفٍ ومزامير، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فلانٌ تزوج فلانة، رجل من قريش تزوج امرأة من قريش، فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني، فما أيقظني إلا حر الشمس، فرجعت فقال: ما فعلت؟ فأخبرته، نام في الحفلة، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ففعل، فخرجت فسمعت مثل ذلك، فقيل لي مثلما قيل لي، فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس، ثم رجعت إلى صاحبي فقال: فما فعلت؟ قلت: ما فعلت شيئاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته) والحديث رواه أبو نعيم في الدلائل والبيهقي وابن حبان، وقال البوصيري: رواه إسحاق بن راهويه بإسنادٍ حسن، وقال ابن حجر: هذه الطريق حسنة جليلة، وما روي في شيء من المسانيد الكبار إلا في مسند إسحاق هذا وهو حديث حسن متصل ورجاله ثقات، قال الهيثمي في المجمع: رواه البزار ورجاله ثقات.

إذاً، كان فتيان مكة، يسمرون على خمر وعلى فواحش، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب ليرى سمرهم وهو صغير قبل البعثة، انشغل بحفلة زفاف والتهى بها حتى نام، والمرة الثانية نفس الشيء دخل مكة فحفلة زفاف دخل بها فالتهى بها، ولم يذهب إلى حيث يذهب فتيان مكة، ولم يكن يتعاطى ما كانوا يتعاطون ويفعل ما كانوا يفعلون.