السفر لطلب الرزق والمعيشة وسؤال يرد من الكثيرين، يقول: إنني وجدت عقد عمل في بلد آخر، وأريد أن أسافر لكسب الرزق، فماذا أفعل وأبواي في البلد عندي؟ نقول أولاً: إذا كان عندك مجال لطلب الرزق في بلدك بما يكفيك، فبقاؤك عندهما واجب البر بهما، وإذا كان لا مجال عندك والحالة ضيقة وأنت محتاج ولا بد أن تذهب إلى بلد آخر؛ فإنك تترفق وتستأذن بالكلام الطيب، حتى تستغني فترجع إليهما.
وكذلك السفر لطلب العلم، فإنه يستأذن والديه، فقد روي أن الفقيه نصر بن أبي حافظ المقدسي لما رحل من بيت المقدس لطلب العلم إلى الفقيه الكازروني من أرض العراق، قال له الكازروني لما قدم عليه: ألك والدة؟ قال: نعم.
قال: فهل استأذنتها؟ قال: لا.
قال: فوالله لا أقرأتك كلمة حتى ترجع إليها، فتخرج من سخطها، قال: فرجعت إليها، فأقمت معها إلى أن ماتت، ثم رحلت في طلب العلم.
وأما إن كان لتحصيل علم يحتاج إليه، فإنه لا بأس له بالسفر، مثل: أن ينوي طلب العلم، ولا يجد مجالاً إلا في الدراسة في كلية شرعية في خارج البلد ولا مجال لطلب العلم في بلده، والعلم الذي يريد طلبه يحتاجه أو يحتاجه البلد، فإنه يخرج ولو بغير إذنهما، مع غاية التلطف وتكرار المزاورة والإقامة عندهما ما أمكن ذلك.