بعد بيان أن المحبة والإرادة أصل كل حركة في العالم، فإنه لابد أن يُعلم أن المحبة تنقسم إلى قسمين: محبة محمودة ومحبة مذمومة، وهنا قاعدة: أصل المحبة المحمودة التي أمر الله بها هي عبادته وحده لا شريك له، من أي شيء تنبع المحبة؟ وأين توجد المحبة في عبادة الله وحده لا شريك له؟ فكلمة العبودية تنطوي على المحبة ولا شك.
ويكون أعظم أقسام المحبة المذمومة هي المحبة الشركية التي يُشرك فيها العبد مع الله عز وجل، فعبادة الله هي أصل السعادة، وعبادة غير الله هي أصل الشقاء، لأن عبادة الله تنتج محبة الله التي تشيع السعادة في النفس، وعبادة غير الله تنتج حب غير الله الذي يؤدي إلى الشقاء وتعاسة النفس.
فأهل التوحيد الذين أحبوا الله وعبدوه وحده لا شريك له لا يبقى منهم في العذاب أحد -في النهاية- حتى لو كان عندهم معاصي وحتى لو عذبوا في الآخرة لا يبقوا في العذاب ولابد أن يخرجوا.
والذين اتخذوا من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله، وعبدوا غير الله، وهم أهل الشرك لا يخرج منهم من العذاب أحد، وكل ما في القرآن هو الأمر بمحبة الله ولوازمها، والنهي عن ضدها، وضرب الأمثال للنوعين وقصص أهل النوعين، فلا يمكن أ، يخرج ما في القرآن عن هذا.
لو قلت: القرآن يدور على أي شيء؟ نقول: يدور على محبة الله ولوازمها وضدها وأهل الفريقين -أهل الحب لله وأهل الحب لغير الله- وضرب الأمثال لهما وقصصهما، هذا هو القرآن، هذا التأمل مدخل في ربط العبودية والمحبة بما في القرآن العظيم.