للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحزب الدعوي وحكمه]

يقول: ما رأيك في قضية التحزب الدعوي؛ لأنها قد أصبحت تشكل مشكلة في أوساط الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى؟

الجواب

نعم -أيها الإخوة- هذا حق وصدق، وظاهرة -مع الأسف- موجودة، ومن أسباب تخلف المسلمين: تفرقهم شيعاً وأحزاباً حتى في مجال الدعوة إلى الله، ولو أنهم تخصصوا في تخصصات، وكل مجموعة منهم تعمل دون أن تصادم الأخرى؛ لأن في ميدان الدعوة إلى الله مُتَّسَعاً للجميع، مهما رَمَيْتَ دعاةً في الساحة؛ فالساحة تستوعب، مهما ألقيت جماعات للدعوة إلى الله عز وجل في الساحة؛ فالساحة تستوعب، لكن مع ذلك يحصل -مع الأسف- أن يتصادم بعض هؤلاء مع بعضهم، فماذا نفعل؟ أولاً: لا بد من تنظيم الأعمال، لا بأس أن تتخصص مجموعة من الناس للأيتام، وبعض الناس لنشر العلم، وبعض الناس للدعوة في القرى والهِجَر، وبعض الناس في التركيز على القطاعات النسائية، وبعض الناس للدعوة في أوساط المتعلمين، والمثقفين، والعسكريين، والموظفين، وغيرهم، وبعض الناس يتفرغون للتأليف والنشر.

فإذاً: مجالات العمل الإسلامي كثيرة جداً جداً، ومتسعة، فبدلاً من التصادم لابد من التنسيق، وإذا رأيت غيرك في مجال يعمل فلا بأس، وأنا لو رأيتُ داعية يدعو إلى الله، يدعو شخصاً، وهو على منهج صحيح، وهذا هو المهم: (أن يكون على منهج صحيح) وأنت أتيت لتدعو، فعليك أن تدعو غيره، هناك في الساحة من غيره من الأشخاص الكثر الذين يحتاجون إلى هداية، يحتاجون إلى أن يدخلوا في عالم الالتزام بالإسلام، فلماذا تتقاتلون على رجل واحد، وفي المجتمع كثير من الرجال الذين يحتاجون إلى دعوة إلى الله سبحانه وتعالى؟! وهذا هو الذي يثير العجب بالمرء المسلم، وهو يتفرج على مثل هذه الظواهر.

ولذلك فينبغي -أيها الإخوة- أن يكون هناك حكمة ووعي، وإذا كان أعداء الإسلام قد اتحدوا على حرب الإسلام، فما أولى بأمة الإسلام، وأهل الإسلام، ودعاة الإسلام أن يتحدوا لمواجهة هذه الهجمة التي تشتد يوماً بعد يوم؟! وسبحان الله! لا يشتد الشر إلا ويزيد الخير، فإنه لم يكن هناك بث مباشر في الستينات مثلاً، لكن لما صار الآن هناك بث مباشر؛ أصبح عدد الواعين وعدد المستقيمين والملتزمين يزداد، وتزداد طرق الدعوة إلى الله، وتُنْشَر الأشرطة والكتب، وتنشر المحاضرات القيمة النافعة، وتصل إلى أناس ما كانت تصل إليهم بنفس السهولة والسرعة من قبل، وهذا يؤكد وجود الخير في الأمة، وأنهم مهما طغى أعداء الإسلام وحاولوا، فإن الخير مزروع في هذه الأمة، لا يمكن استئصاله، وجذوره ضاربة لا يمكن إزالتها.