لكن هذه القصة قد استغلها بعض المستشرقين ليقولوا: إن النبي عليه الصلاة والسلام علمه القرآن بحيرا الراهب، قالوا: هذا الذي أوحاه يعني: الوحي هذا قرآن جاء من بحيرا الراهب لما التقى به.
نقول: أولاً القصة عرفنا ماذا قيل في ثبوتها، لكن لنقل أنها ثابتة، هل يمكن لغلام التقى بهذا الراهب مدة وجيزة جداً أن يتعلم منه قرآناً كاملاً يحفظه ويسكت عنه، لا يعرف له أثر حتى يبلغ أربعين سنة ثم يقسطه عليهم على ثلاثة وعشرين سنة؟! وهل كان الراهب سيعلم بحديث قصة خولة بنت ثعلبة مع زوجها أوس بن الصامت {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة:١] قبل حصول الظهار وقبل حصول حادثة خولة بنت ثعلبة بأكثر من أربعين سنة يعلمها بحيرا الراهب يقولها له في قرآن كامل يحفظه منه في فترة وجيزة، التقى به فيها لما اطلع قال: أروني غلامكم، ويحفظه القرآن ثم يسكت عنه أربعين سنة ما يجيب آية واحدة ثم يقول: اقرأ سنعلم عند ذلك أن هذا الكلام الذي قالوه هراء، ولكنهم قالوه من عداوتهم للمؤمنين قالوا: هذا القرآن كله من بحيرا الراهب.
ويعرف طبعاً بحيرا الراهب قصة بدر وأنهم سينتصرون، ويعرف قصة أحد وأنهم سينهزمون، ويعرف الأحزاب وأن بني قريظة والمنافقين سيتحالفون، ويعرف قصة وقصة وقصة، طبعاً هذا الهراء لا يمكن أن يصدقه أحد.