وبقية صحابة النبي عليه الصلاة والسلام مهما حصل بينهم من خلاف كانوا إلى المصافاة مسارعين، وإلى الأخوة وعودتها إليهم كانوا مبتغين، قال علي رضي الله عنه: [إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧]].
وفي رواية: دخل عمران بن طلحة بن عبيد الله على علي، معلوم أن طلحة خرج في الجمل ضد علي، الصحابة اجتهدوا في فتنة نمسك ألسنتنا عنها، بعدما فرغ من أصحاب الجمل دخل ابن طلحة على علي، فرحب به، يقول علي لـ عمران بن طلحة: [إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧]].
وجاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على علي رضي الله عنه فحجبه طويلاً، فكان ابن جرموز يحتج: أما أهل البلاء فتجفوهم، فقال علي: بفيك التراب، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(بشر قاتل ابن صفية بالنار) فـ ابن جرموز قتل الزبير، مع أن الزبير اعتزل وخرج ما رضي أن يشترك في المعركة، لكن هذا عمد إليه فقتله، فـ الزبير بن العوام حواري النبي صلى الله عليه وسلم قال علي لـ ابن جرموز: [بفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله:((وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ))].
هذه بعض الروايات التي ساقها ابن جرير بأسانيده رحمه الله وفي بعضها انقطاع، والشاهد العام منها يشهد بعضهم لبعض أن علياً رضي الله عنه كان يقول: [إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}] مهما حصل بينهم من خلاف فكانوا يفيئون ويرجعون.
وهذا مثل آخر ساقه الذهبي في سير أعلام النبلاء قال زيد بن أسلم:[دخل على أبي دجانة وهو مريض وكان وجهه يتهلل، فقيل له: مال وجهك يتهلل؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني -والأخرى- وكان قلبي للمسلمين سليماً].
ودرج على هذا الأئمة الأعلام والعلماء العاملون، والصلحاء والأخيار من هذه الأمة، يطهرون قلوبهم من كل حقد وحسد، ولا يجعلون له موضعاً في نفوسهم، مهما حصل فكانوا يسامحون ويغفرون، وهذا مثل من المتأخرين: