وكان الإمام عبد الله بن فروخ رحمه الله يرحل ويسافر، قال: لما أتيت الكوفة وأكثر أملي السماع من الأعمش، فسألت عنه -سأل عن الأعمش - فقيل لي: غضب على أصحاب الحديث فحلف ألا يسمعهم مدة.
هذا جاء إلى الشيخ، والشيخ يبدو أن بعض الطلبة قد ضايقوه، فـ الأعمش حلف ألا يسمعهم مدة، مثلاً قال: والله لا أحدثكم شهراً عقوبة لهم حتى يتأدبوا، هذا الطالب جاء إلى البلد فوجد الشيخ فحلف ألا يحدث.
قال: فكنت أختلف إلى باب داره لعلي أصل إليه فلم أقدر على ذلك -ما استطعت- فجلست يوماً على بابه وأنا متفكر في غربتي وما حرمته من السماع، إذ فتحت جارية بابه يوماً وخرجت منه، فقالت لي: ما بالك على بابنا؟ فقلت: أنا رجل غريب، وأعلمتها بخبري.
قالت: وأين بلدكم؟ قلت: أفريقيا.
فانشرحت إلي وقالت: تعرف القيروان؟ قلت: أنا من أهلها.
قالت: تعرف دار ابن فروخ؟ قلت: أنا هو.
فتأملتني ثم قالت: عبد الله؟ قلت: نعم.
وإذا هي جارية كانت لنا بعناها صغيرة، فسارعت إلى الأعمش وقالت: إن مولاي الذي كنت أخبرك بخبره في الباب، فأمرها بإدخاله، فدخلت وأسكنني بيتاً قبالة بيته، فسمعت منه وحدثني وقد حرم سائر الناس إلى أن قضيت أربي منه.