وكان بـ السلف الصالح من شغف العيش وقلة ذات اليد وشدة الحال، وأن الله حماهم من الدنيا مع إمكان أن تحصل لهم الدنيا صيانة لهم من تبعاتها؛ لأن يوم القيامة فيه وقوف للسؤال عن كل درهم من أين اكتسبته وفيما أنفقته؟ ولذلك فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، ويوقفون في الحساب فيقولون: على أي شيء نحاسب وإنما كانت سيوفنا على عواتقنا في سبيل الله؟ أي: كل الذي كان عندنا هي سيوفنا على عواتقنا نجاهد في سبيل الله، ولذلك يقال لهم: ادخلوا الجنة، فيدخلون قبل الأغنياء بخمسمائة عام وأصحاب الجد -الغنى- محبوسين، ولكن هذا الحبس لا يشترط أن يكون عذاباً، فإذا كان أهل الغنى قد أنفقوا في سبيل الله وصرفوه فيما يرضي الله فإنه يكون لهم زيادة في الحسنات، وقد ترتفع مراتبهم في الجنة فوق الفقراء بعد ما يدخلون، لكن الدخول أولاً للفقراء، ثم أهل الغنى إذا بذلوه في طاعة الله يدخلون متأخرين؛ لكن ربما تكون مرتبة بعضهم فوق مرتبة الفقراء من أجل الصدقات التي تصدقوا بها.