هنا تظهر شخصية نسائية أخرى في هذه القصة وهي شخصية أخت موسى التي نفذت أمر أمها فخرجت تتبعه عن بعد بحذر أخت موسى الذكية التي ما فضحت القصة وما فضحت القضية وإنما قالت لأخته:{قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ}[القصص:١١] صارت تراقب المهد يتهادى على سطح الماء من طرف عينها، هذا معنى عن جنب {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ}[القصص:١١] فتظاهرت أنها لا تنظر إليه ولكن بطرف عينها تنظر وتلحظ إليه، إنها عين الأخت الساهرة على أخيها الصغير، وهكذا ينبغي أن يكون دور الأخوات في البيت تجاه إخوانهن الصغار الذين يحتاجون إلى الرعاية، فإن الأم قد تنشغل أحياناً فنقول لهذه الأخت في البيت: إن عليك واجباً تجاه أخيك الصغير من ناحية العناية به، والحرص عليه، والخوف من الأسباب التي تهلكه، ومساعدة الأم في القيام بشئون هذا الولد الصغير، فكوني أيتها الأخت المسلمة عوناً لأمكِ في رعاية هؤلاء الأولاد الصغار في البيت، وتشبهي بأخت موسى وهي ترعى أخاها الصغير وهو يتهادى على سطح الماء، والله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه، كيف يرجع الولد إلى أمه؟ دخل قصر فرعون وأخذوه ولداً لهم، كيف يرجع؟ إن الله يخلق أشياء تجعل البشارة تتحقق حرم الله عليه المراضع، مهما عرضوه على ثدي لا يقبله، وهنا تدخلت أخت موسى لتقول لهم ولهن:{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}[القصص:١٢] طبعاً عجلي، من هي هذه المرأة؟ نريد أي امرأة ترضع الولد إن فرعون وزوجته قررا أن يكون لهما ولداً فإذاً لا بد من حماية الولد، عجلي بهذه المرأة التي ترضعه، فصارت أم موسى تأتي لترضع ولدها وتأخذ أجرها، تضمه إلى صدرها تتظاهر أنه ليس ولدها، لكن عندما تضمه إلى صدرها تشعر بحنان الأم وهي ترضع ولدها الصغير، وتأخذ أجراً على ذلك بأي شيء حصل لها اطمئنان الولد والأجر؟ إنه بسبب اليقين بالله والصبر على أوامر الله عز وجل.