الأعياد من أهم ما تتميز به الشرائع والأديان، والمشاركة في أعياد الكفرة تتراوح بين المعصية والكفر، قد تكون معصية، وقد تكون كفراً، وفيها من المخاطر أمورٌ كثيرةٌ جداً، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم بحثاً في هذا الموضوع، لا أظن أنه يوجد في مكان آخر لغيره، واشتكى فيه شيخ الإسلام رحمه الله من حال المسلمين المجاورين للكفار في بلادهم.
بلاد المسلمين واسعة، فمنها ما هو في القلب، مثل جزيرة العرب، ومنها ما هو في الأطراف، مثل حال بلاد الأندلس الملاصقة للنصارى ومنذ زمن كان الإسلام يهيمن على تلك الديار، فاشتكى شيخ الإسلام رحمه الله من تغير حال المسلمين الملاصقين لبلاد الكفار من تلك البلاد، فقال: لقد صار من حال المسلمين فيها أمراً عجيباً -معنى كلامه- قل علمهم وإيمانهم فصاروا يشاركون الكفرة في أعيادهم، حتى صارت مشاركتهم لأعياد الكفار أبهى في أنفسهم وأعظم من أعياد المسلمين، لما يفعلونه في أعياد الكفار من الهدايا والخروج والاجتماع والنفقات والكسوة للأولاد.
وإذا علمنا أيها الإخوة أنهم يشاركون النصارى في أكل البيض واللحم واللبن والخروج في الخميس إلى تبخير البخور، ويأخذون معهم ذبائح يزفونها بناقوس صغير، وكثير من المسلمين يفعلون ذلك كما ذكر شيخ الإسلام في ذلك الزمن، حتى أنه كان في يوم الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغيرة، وكلام المنجمين، وتباع فيها صور الحيات والعقارب التي يلصقونها في بيوتهم؛ لزعمهم واعتقادهم أنها تمنع السموم، وتمنع العين، وكانوا يصبغون أبوابهم ومراكبهم ودوابهم بالطين الأحمر أو الخلوط مشابهة للنصارى لما يفعلونه، ويحملون أوراق الزيتون، ويكشفون رءوسهم لاعتقادهم بأن مريم تمر فوق رءوسهم فتنزل عليهم بالبركة.