وحصل بعد ذلك أن صلاح الدين أكمل الفتوحات، ولكن جاءت حملة صليبية ثالثة عظيمة جداً؛ أعظم من الجنود والجيش الذي أتى به النصارى من قبل، وكان عليها ملوك فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها، والبابا في ذلك الوقت عمد إلى حيلة ووسيلة خبيثة لتحريض النصارى برسمين: الأولى: رسمة تبين قبر المسيح الذي يزعمونه في كنيسة القيامة في بيت المقدس، صور القبر وصور عليه فرساً عليه فارس مسلم راكب وقد وطئ قبر المسيح، والفرس يبول فوق القبر؛ ومن ثم طيف بها على بلدان النصارى.
ثانياً: رسمت رسمة أخرى يصور فيها عيسى عليه السلام- كذبوا طبعاً- وجعلوه مع صورة أعرابي يضربه، وقد جرحه أو قتله، ومبين في هذه الصورة أن الأعرابي هو محمد صلى الله عليه وسلم.
فطيف بهذه الصور وبغيرها من الدعايات حتى استجمعت جيوش عظيمة للكفار، كان تعداد الجيش الألماني فقط ثلاثمائة ألف، ولكن الله عز وجل بمنه وفضله جعل شرهم مقتصراً فقط في عكا، ولم يأخذوا عكا من المسلمين إلا بجهد جهيد، وهزموا بعد ذلك هزائم متوالية انتهت بعقد صلح الرملة الذي كان قبل وفاة صلاح الدين بوقتٍ قليل، ولم يأخذوا من بلاد المسلمين إلا هذه المنطقة ومناطق أخرى صغيرة جداً، حتى جاء بعد ذلك الملك الظاهر رحمه الله فأخرجهم من آخر معاقلهم من عكا وطهرت بلاد المسلمين من النصارى بالكلية.