وثانياً: ألا يدعي صاحبها الولاية، لا يقول: أنا ولي.
وكذلك أن يكون عالماً بالدين وبأحكام الشريعة، عارفاً بالله تعالى وليس جاهلاً، وأن يلازمه الخوف على نفسه، وألا يترك واجبات، ولا يفعل محرمات، وألا تكون الكرامة مخالفة لأمر من أمور الدين، فلو رأى في المنام شخصاً في صورة نبي أو ملك يقول له: قد أبحت لك الخمر، أو أسقطت عنك التكاليف ونحو ذلك فليعلم أنه شيطان.
وكذلك فإن منهم من يقول: إنني رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في الحقيقة، وصافحته وأخرج يده لي من القبر، ونحو ذلك، فلا شك أن مثل هذا مخرف من المخرفين.
لقد وقعت حكايات لبعض السلف والعلماء تدل على وعيهم وفقههم، وعدم انطلاء حيلة الشيطان عليهم، فحكى عياض عن الفقيه أبي ميسرة المالكي أنه كان ليلة في محرابه يصلي ويدعو ويتضرع، وقد وجد رقة فإذا المحراب قد انشق وخرج منه نور عظيم، ثم بدا له وجه كالقمر يقول له: تملأ من وجهي -يا أبا ميسرة - فأنا ربك الأعلى، فبصق فيه وقال: اذهب يا لعين، عليك لعنة الله؛ لأنه يعلم أن الله لا يرى في الدنيا، وأن هذا لا بد أن يكون شيطاناً من الشياطين.
وكذلك ما يحكى عن عبد القادر الجيلاني رحمه الله أنه عطش عطشاً شديداً، فإذا سحابة قد أقبلت وأمطرت ونودي: يا فلان! أنا ربك أحللت لك المحرمات، فقال: اذهب يا لعين، فاضمحلت السحابة، فقيل له: بم عرفت أنه إبليس؟ قال: بقوله: قد أحللت لك المحرمات، فبذلك يعلم أن الكرامة التي تدعى وتكون مصادمة للشريعة ليست بكرامة.