وبعض الناس يفعلون العبادات مراءاةً لينالوا المدح والثناء، وليعظم جاههم عند الخلق، وبعضهن ربما خرجت للصلاة لتلفت أنظار الرجال، كمن تخرج متزينة متعطرةً، وكبعض الذين يدعون صلاحاً ليعظّمهم الخلق، ويشتهر ذكرهم، وكالرئيس الذي يريد أن يتطاول الناس إلى رؤيته، وترتفع أصواتهم بمدحه وغير ذلك، والمؤمن وإن خلصت نيته في نفس الأمر لا يستطيع إلا أن يكمل المشوار عامداً إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ، ثم يخاف ألا تقبل الطاعة:{يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون:٦٠] يخشى أن الله لا يقبل منه، ويجتهد في تصحيح العمل، فيعلم أن للصلاة شروطاً وأركاناً وواجبات، فيراعي أن يأتي بها على الوجه المطلوب، ويعلم أن روح الصلاة في الخشوع فيحذر نفسه، ويكون حاضر القلب والذهن وهو يقرأ آيات الله في الصلاة، ويتلو الأذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بها.
هذه حال المؤمن في الطاعات، فما عسى أن تكون حاله في المعاصي؟ قال الله تبارك وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ}[الأعراف:٢٠١ - ٢٠٢] فالمؤمن يتصارع إيمانه وهواه، قد يطوف به الشيطان فيغفله عن قوة إيمانه، فلا تصفو له لذة، ثم لا يكاد جنبه أن يقع على الأرض حتى يتذكر فيستعيد قوة إيمانه، فيعض أنامله أسفاً وحزناً على غفلته التي أعان بها عدوه على نفسه، وكيف سمح للشيطان أن يجري ولو بفكره وراء وساوس الشيطان.