من الأمور المهمة التي تساعد على التركيز استخدام القلم أثناء القراءة، وهذه وصية مهمة نافعة إن شاء الله لك أيها الأخ المسلم، استخدم القلم أثناء القراءة، إن كثرة التعليقات التي تكون موجودة على كتابك دالة على تركيزك وتفاعلك مع القراءة، واستعمال القلم عند القراءة لشد الانتباه والتعبير عن الموقف المقروء أو الاستيعاب يدل على الاستيعاب أصلاً، إذا قرأت ورأيت أنك ملأت الصفحة بالكتابة فاعلم بأنك ناجح في الاستيعاب، وربط الجمل والأفكار، الكتابة على الهوامش، هامش الكتاب سواء كان الأعلى أو الجانبي أو الأسفل، ينبغي أن تكون التعليقات كأنها حوار بينك وبين الكاتب، وليس المقصود ما يفعله بعض القراء، وبعض الناس الذين يقرءون من خرابيش، تفتح الكتاب تجد سيارة، طيارة، مثلثاً، دوائر، مكعبات، وأشكالاً، ورسوماً سريانيه، ونحو ذلك، لا، المقصود باستخدام القلم مثلاً: وضع خط تحت النقط الأساسية والأفكار الهامة، وضع خطوط رأسية في الهامش للإشارة إلى أهمية الفكرة.
أحد الشباب كان في المذاكرة أيام الجامعة، يذاكر وكان الكتاب ضخماً فيه ما هب ودب، فكان يستخدم الألوان، اللون الأصفر للأشياء المهمة جداً، قانون يجب حفظه، الشيء الأزرق أقل أهمية، الشيء الأحمر أقل شيء، ويترك الباقي بياضاً أو يرقمه، فيجعل للشيء المهم جداً رقم واحد، وللمتوسط رقم اثنين، وما يمكن تأجيله في المذاكرة رقم ثلاثة، فإذا وجد وقتاً قرأه وإلا تركه.
فهذه أشياء مهمة نافعة جداً في التحصيل، وكذلك وضع الأرقام بالإشارة إلى أهم النقاط، ترقيم الأشياء، وقد تجد بعض الكتب ليس فيها شيء مرقم، فإذا رقمته فإنك تحس بنوع من التركيز أكثر، والإشارة إلى أرقام الصفحات التي ذكرت فيها النقاط لها علاقة بهذه النقطة، وهذا يدل على أنك مستوعب، ولذلك يقول -مثلاً-: انظر صفحة كذا تقدم الكلام عن هذا الموضوع في صفحة كذا، فمعنى ذلك أنك متابع وأنك تربط بين هذه الفكرة والفكرة التي سبقت، وأيضاً: القيام بكتابة أسئلة، فأحياناً الشخص يكتب سؤالاً على أساس أنه يقول: سأسأل عنه العالم كذا، أو يذكر نقطة فيكتب سؤالاً: هل يدخل فيها كذا، أو تبسيط الفكرة في الهامش، أنت إذا نظرت إلى كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم طبعة الشيخ: محمد حامد الفقي رحمه الله، ماذا تلاحظ في هذا الكتاب؟ فيه عناوين جانبية كثيرة جداً، في كل مقطع عنوان جانبي، وذلك لأن الأولين كانت كتبهم عبارة عن فصل ويسرد لك فيه عشرين صفحة، ثم فصل ويسرد فيه خمسين صفحة، يعني ذهن سيال ما شاء الله! حفظة، الناس الآن بدءوا يكتبون بهذا التفصيل وهذا التنقيط، وهذا الترقيم الموجود، فأنت إذا قرأت في كتب الأقدمين استخدم هذه الوسائل، العناوين الجانبية مثلاً: اكتب موضوعاً لكل فقرة ستلاحظ أول شيء التعريف اللغوي، ثانياً: التعريف الشرعي، اكتب: التعريف الشرعي، ثالثاً: الأدلة، رابعاً: أقوال العلماء، خامساً: القول الراجح، حاول أن تكتب في الهامش العنوان الذي يدلك ماذا يوجد في هذه الفقرة، وإذا كنت لا تحب أن تكتب في كتابك أو لم يكن الكتاب كتاباً لك، استعرته مثلاً، خذ ورقة خارجية ودون فيها الملخص، وإذا كنت لا تحب الكتابة حتى في كتابك أنت، خذ ورقة ودون فيها الأشياء، تكون مناسبة لمقاس الكتاب ثم ألصقها في الغلاف من الأخير أو من الأول، وبعض الناس يقول: يا أخي! الكتاب يضيع الوقت، أنا كل شيء أكتبه هذا معناه أن أجلس في الكتاب أسبوعاً، نقول: اجلس أسبوعاً واستفد أحسن من أن تكمله في ساعتين ولا تستفيد.
حاول أن تجعل كتابك ثرياً، كيف؟ بعض الناس يثرون كتبهم، يصير الكتاب عنده يساوي أضعاف أضعاف قيمته في المكتبة، وليس عنده استعداد أن يعطيه لأحد لأنه يخشى عليه، لأن الكتاب صار ثميناً، كيف صار ذلك؟ مثلاً: إذا مر على قول ذكره الكاتب قال -مثلاً- للعلماء أقوال أخرى، ونقل من كتب أخرى الأقوال في الهامش، حديث مر عليه ذهب إلى كتب التصحيح والتضعيف وخرج الحديث وبين صحته: صحيح، انظر صحيح الجامع رقم كذا، تلخيص الحبير رقم كذا، وهكذا، ينقل درجة الحديث، أو يكتب نقداً لفكرة خاطئة، يقول: وهم الكاتب هنا، والصحيح كذا، لأن فلاناً يقول من العلماء كذا ونحو ذلك.
أو يصوب الخطأ المطبعي فيضع إشارة بالقلم الرصاص، ويكتب فوق الكلمة: الصحيح كذا، ولكن لا تستعجل؛ لأن الشخص أحياناً يظن ما ليس بخطأ خطأً فيصحح، وتصحيحه خطأ، والموجود في الكتاب هو الصحيح، مثلاً: قرأ تذهيب التهذيب وهناك كتاب: تذهيب التهذيب قال: تذهيب التهذيب ما سمعت به ولكن المعروف: تهذيب التهذيب، فشطب على تذهيب وكتب فوقها: تهذيب، مع أن هناك كتاباً اسمه: تذهيب التهذيب، لكنه لا يدري، ومثلاً: قال الباوردي، يقول: من هذا الباوردي؟ لا، البارودي هذا المعروف، فيشطب على الباوردي وكتب: البارودي، مع أن هناك عالماً معروفاً اسمه: الباوردي وهكذا، فلا تستعجل بالتصحيح، وليكن بقلم رفيع وخط دقيق، يوضع فوق الكلمة، وبعض الناس يحك حتى إنه يخرق الورقة، ومن المفيد عند انتهائك من قراءة الكتاب أن تكتب مذكرة على جلدة لكتاب، عبارة عن تقويم عام، أو اختصار للكتاب يحوي ما تضمنه من أفكار والملاحظات عليه سواء ما يتعلق بالشكل والمضمون أو الأسلوب، المربي والداعية الذي يعلم الناس يهمه جداً هذا الكلام، لأنه يعرف من خلال هذا التقويم من يصلح أن يهدى إليه هذا الكتاب ومن يصلح أن يقرؤه.
وإذا أردت أن تلخص كتاباً فلا بد أن تعرف فن التلخيص، والتلخيص له فن لا بد من الاستيعاب والفهم أولاً، ثم تقدر حجم التلخيص ثانياً، ثم تتحرر من عبارات الكاتب الأصلي إلا إذا كانت مهمة جداً، وتصيغها بكلماتك أنت وعباراتك، والتلخيص قدرات عند البشر، لذلك بعض الطلاب عندما يقول المدرس: لخص لي الكتاب الفلاني، تجدهم يأخذون من هنا سطرين ومن هنا سطرين، وهنا سطرين، فتجده ينقل نقلاً، ثم يخرج في النهاية كلام ليس بينه ترابط على الإطلاق، لأنه استعمل عبارات المؤلف، فلابد من صياغته صياغة كاملة تامة مترابطة.