ومن جوانب العظمة أن النبي عليه الصلاة والسلام توفي عن عدد من الصحابة كلهم يصلح للخلافة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ربى أعداداً من الصحابة كل واحد يصلح أن يكون خليفة، تخرج من مدرسته صلى الله عليه وسلم ذهب نقي، كُمَّل في أنفسهم، ويكمل بعضهم بعضاً، وتخصصوا في الجوانب، وهذا نستفيد منه في الواقع.
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقال:(ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر) رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وهو في صحيح الجامع.
وعن علقمة، قال:[قدمت الشام فصليت ركعتين، ثم قلت: اللهم يسر لي جليساً صالحاً، فأتيت قوماً، فجلست إليهم، فإذا شيخٌ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت: من هذا؟ فقالوا: أبو الدرداء، فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليساً صالحاً، فيسرك لي، قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة.
قال: أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين -لأنه كان يحمل نعلي النبي صلى الله عليه وسلم ويتعاهد ذلك باستمرار- والوساد؟] وذكر ابن حجر في الشرح، فقال: وورد برواية: (السواد) وهي أوجه، والسواد يعني: السرب، ميزة لـ ابن مسعود، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام له:(إذنك عليَّ أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي) ارفعه في أي وقت شئت، ميزة لـ ابن مسعود.
[أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والسواد والمطهرة؟ وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم] من المقصود بالذي أجاره الله من الشيطان؟ الحديث في الصحيح من أحاديث الصحيح في صحيح البخاري، أبو الدرداء يسأل الرجل الذي جاء من الكوفة، يقول: أتأتي تطلب العلم وعندك ابن مسعود وعندك فلان وفلان؟ قال:[وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم] من هو؟ الصحابي هو: عمار بن ياسر رضي الله عنه وأرضاه: [أوليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه أحدٌ غيره؟] من هو؟ إنه حذيفة رضي الله عنه وأرضاه، والمقصود بالسر أسماء المنافقين.