إذاً هذه المسألة تقودنا إلى نقطة، قبل النقطة الأخيرة في موضوعنا نقول: من وظيفة القرآن أن ينشئ قلوباً يعدها لحمل الأمانة والرسالة، قلوباً فيها القوة والتجرد لله عز وجل متجهة إلى الآخرة، ومن شروط الإعداد أن يستقر في هذه الأنفس أنه ليس هناك ثمن للدعوة مادي ودنيوي، وأن الناس عندما يعملون للإسلام وهم الدعاة إلى الله لا ينتظرون ثمناً دنيوياً حتى لو كان انتصاراً، لا ينتظرونه وإنما يعملون لله عز وجل، حتى لو ماتوا وهم في قهر، وهم تحت وطأة العذاب، فإنهم لا بد أن يعملوا؛ لأن الذي يعمل لكي يرى نتيجة العمل الآن في حياته بعد فترة طويلة من الزمن، إذا ما رأى النتيجة ماذا سيحدث؟ تثبيط وانهيار في المعنويات، لكن عندما يتربى الإنسان المسلم على أن لا يرى النتيجة أنه ليس من المهم أن يرى النتيجة، قد يراها وقد لا يراها، كثيرٌ من الدعاة الآن يدعون إلى الله عز وجل، قد يرون النتيجة، ويبزغ فجر الإسلام من جديد، وينتشر الإسلام في الأرض وينهزم كل الكفار، قد يرون هذا؛ لكن قد لا يرون هذا.
فإذاً نوع التربية وهدف التربية التي يتلقاها الإنسان المسلم، هو الذي يحدد ماذا سيكون موقفه في حال الهزيمة وفي حال الانتصار، فالغرض أيها الإخوة! إذاً:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:١٠٥] المهم أن نعمل، لو حصلت النتيجة الحمد لله، لو ما حصلت الحمد لله على كل حال، يموت الإنسان وهو مستريح أنه قد عمل للإسلام.