وكتبه التي خلفها كثيرة ومعروفه وموجودة بين طلبة العلم وفي المكتبات، وهذه الرسالة -وهي الرسالة التبوكية - اتضح لنا مما سبق أن ابن القيم -رحمه الله- قد ألفها لأجل شرح قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:٢].
وبيَّن زاد الإنسان في سيره إلى الله عز وجل، وحشد فيها أشياء مما يتعلق بالتصورات الأصلية الأصيلة الإسلامية، مما يُعين طالب العلم، ويُعين الإنسان عموماً على سيره إلى الله، ورسم منهج التلقي في هذه الرسالة، وبيّن أيضاً منهج العلم ومنهج العمل في هذه الرسالة، فقال:(أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله وعليه وسلم، وبعد: فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:٢] وقد اشتملت هذه الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، فيما بينهم بعضهم بعضاً، وفيما بينهم وبين ربهم، فإن كل عبد لا ينفك عن هاتين الحالتين، وهذين الواجبين، واجب بينه وبين الله، وواجب بينه وبين الخلق).
فأما ما بينه وبين الله فلا بد من القيام بحق الله، بفعل الواجبات التي أمر بها، والانتهاء عن المحرمات التي نهى عنها، وأما ما بين الإنسان وبين الخلق، فلا بد أن يكون هناك معاشرة، ومعاونة، وصحبة، وأن تكون هذه قائمة على مرضاة الله، فإذا حصل ذلك للعبد حصل له الخير كله.