ومن الأخلاق المهمة:(العفو عند المقدرة) فإن الداعية قد يؤذى ويستطيع أن ينتقم ويرد، لكن إذا عفا عند المقدرة، كان عفوه بالغ الأثر في نفس من يدعوه، فيستجيب له، أو ربما لا تحصل استجابة فورية في كثير من الأحيان، لكن يكون ذلك الموقف نقطة إيجابية في قلب المدعو تدخر للمستقبل، فنقطة معها منه أو من غيره، وهكذا حتى يصبح قلب المدعو أبيض مستنيراً بنور الإسلام.
ماذا حصل لـ خبيب بن عدي رضي الله عنه لما أخذ أسيراً؟ قالت بنت الحارث وكانت مشركة في مكة سجن في بيتها، سجنوه ليقتلوه، وضعوه في بيتها في مكان يشبه أن يكون حصيناً لسجْنه، فحين سجنوه استعار من بنت الحارث موسى لكي يستحد بها، فقد كان حريصاً على تطبيق السنة وهو في الأسر، فأعارته، قالت بنت الحارث: فأخذ ابنٌ لي وأنا غافلة حتى أتاه -ولد صغير حبى ومشى حتى أتى خبيباً، دخل على غفلة مني- فالتفت فوجدته قد أجلسه على فخذه والموس في يده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، ثم قالت -مع أنه محكوم عليه بالإعدام، وهذه فرصة لينتقم- والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، والله لقد وجدته يوماً يأكل من قطف عنبٍ في يده وإنه لموثوق في الحديد وما بـ مكة ثمر.
ليس في مكة عنب وفي يده قطفٌ من عنب يأكل منه، وهذه من باب كرامات الأولياء.