الحمد لله الذي لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي جاء بالإنقاذ من الضلال، وهدانا لما اختلف فيه من الحق، وعرفنا شريعة ربنا صلى الله عليه وسلم، هدانا هداية الدلالة والإرشاد، وأمرنا بأن نتمسك بما أمر الله به لا نحيد عنه ونهانا عن معصية ربنا عز وجل لسائر أنواع المعاصي والآثام.
ومن أعظم أنواع التطفيف أيها الإخوة التطفيف في الصلاة، [رأى حذيفة رضي الله عنه رجلاً يصلي فطفف في صلاته -أنقص في الركوع والسجود والقراءة، وأسرع إسراعاً مخلاً بالصلاة- فقال له حذيفة: مذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين سنة، قال: ما صليت منذ أربعين سنة -كل الصلوات الماضية باطلة- ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة مت على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إن الرجل ليخفف ويتم ويحسن] رواه النسائي، وهو حديث صحيح، وأصله عند البخاري رحمه الله.
وأنت ترى حال المصلين اليوم من نقر الصلاة والإسراع فيها إسراعاً مخلاً، حتى إنك تعجز في بعض الأحيان عن قراءة الفاتحة، أو قول سبحان ربي العظيم ولو مرة واحدة وراء بعض الأئمة، وكذلك انظر إليهم حين ينفردون بالصلاة في السنة مثلاً بعد صلاة الجماعة إلى أحوالهم في تطفيف هذه الصلاة، كيف تكون مقبولة عند رب العالمين؟! ولو قال قائل: إنني فعلت هذا في الماضي وأنا أجهل فهل علي الإعادة؟ نقول: كلا، لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجل يطفف في صلاته، أمره بإعادة هذه الصلاة في الوقت، ولم يأمره بإعادة الصلوات الماضية، وإنما الواجب التوبة، والإكثار من صلوات النوافل، وإكمال وتحسين الصلوات القادمة.