هنا نأتي إلى مسألة وهي: ما هو الحكم الشرعي فيما لو أمر الأب أو الأم الابن بطلاق زوجته هل يجب عليه الطلاق أم لا؟ لو أمر الأب أو الأم الولد بطلاق زوجته، هل يجب عليه تنفيذ الأمر أم يكون من عقوق الوالدين إذا رفض؟ الجواب فيه تفصيل: - إن كانت الزوجة سيئة الدين، سيئة الخُلُق؛ وجب عليه أن يطيع أبويه، مثل إسماعيل، لما رأى إبراهيم سوء خُلُق زوجته، قال: غير عتبة بابك.
فإذا كانت الزوجة سيئة الخُلُق تتبرم لا يعجبها شيء، وتشتكي زوجها إلى الأغراب، ولا كرم عندها، ولا عندها شيء، فهذه تُغَيَّر، مثلاً: زوجة لا تصلي زوجة ترى المنكرات زوجة تقول: انظر! إما أنا وإما التلفاز، أي: أعطني تلفازاً أجلس معك، وإذا لم تعطني تلفازاً فسأرمي لك الأولاد وأمشي، فهذه عندها استعداد أنها تضحي به وبأولاده من أجل التلفاز، أين السكينة؟ {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}[الروم:٢١] أين السكن والسكينة والإيمان؟ مفقود، فربما يكون له من الخير أن يطلقها، كيف يحتفظ بامرأة مثل هذه! هذه ستكون وبالاً عليه وجحيماً في الدنيا.
وإذا كانت سيئة في الدين ربما تكون عليه -أيضاً- جحيماً في الآخرة، لِمَا تَجُرُّ عليه من المعاصي والمصائب.
- أما إذا كانت المرأة حسنة الدين حسنة الخُلُق، جاء الأب قال لولده: طلقها، لماذا؟ قال: لأنها لا تعطيني حذائي، أنا أدخل البيت ولا تأتي لي بحذائي وتمشي ورائي!! والآن أنا أطلق الزوجة، وأخرب البيت، وأشرد الأولاد لأنها لا تأتي لك بالحذاء وتمشي وراءك؟! فبعض الآباء عندهم عقد نفسية وعناد وعصبية وعنجهية، وكأنه لا يبالي أن الولد يخرب بيته وتتفكك أسرته؛ لأن مزاج الأب أنه لا بد على الزوجة أن تمسح نعليه وتحملها، ولذلك لا يطاع الأب في مثل هذه الحالة.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سئل سؤالاً مشابهاً عن امرأة تأمر ولدها بطلاق زوجته مع أن الزوجة صاحبة دين؟ قال: هذه الأم من جنس هاروت وماروت، لماذا هاروت وماروت؟ {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ}[البقرة:١٠٢] وقبلُ ماذا قال؟ {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}[البقرة:١٠٢] هذا السحر.
ولذلك هذه المرأة التي تقول: أنا غضبانة عليك إذا لم تطلق زوجتك لماذا؟ لسبب تافه.
أو تقول: فقط مزاج، لا تناقشني، طلق! هذه من جنس هاروت وماروت.
ولذلك لما جاء رجل إلى عمر بن الخطاب قال:[إن أبي يأمرني بطلاق امرأتي، فسأله عن امرأته وحال امرأته، ثم قال: لا تطلق، قال: إن إبراهيم لما قال لولده طلِّقْها طلَّقَها، قال: حتى يكون أبوك مثل إبراهيم] عندما يصير أبوك بمستوى إبراهيم في الحكمة، وبُعد النظر، ووزن الأشياء بميزان الشرع بعد ذلك عليك أن تطبق الكلام.
هذا هو الحكم بالنسبة إذا قال لولده: طلق زوجتك، يَعتمد على دين المرأة وخُلُق المرأة.