لما بلغ مبلغاً من العلم ينتفع به غيره في نظره، تصدر للتدريس، وتولى حلقة الثلاثاء التي كان يقوم بها شيخه ابن قاضي الجبل، تولاها بعد وفاته سنة [٧٧١هـ] وكانت حلقة مشهورة يحضرها أناس كثيرون، ودرس في المدرسة الحنبلية وهي قرب الجامع الأموي، وكذلك في مدرسة تربة الصالحين.
تميزت دروس ابن رجب رحمه الله بالشمولية بالفقه والحديث وعلوم السنة، وأفتى بفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكان فيه ميزة مهمة جداً وهي: القدرة على الوعظ وتحريك القلوب.
أن تجد بعض العلماء قد يُعلم، لكن في تعليمه شيء من الجفاف، ابن رجب رحمه الله امتاز مع علمه بوعظه، فقيل في صفة جلسته الوعظية: كانت مجالس تذكيره للقلوب صارعة، وللناس عامة مباركة نافعة، أجمعت الفرق عليه، ومالت القلوب إليه، وواضح جداً تأثر ابن رجب في الوعظ بـ أبي الفرج ابن الجوزي، فإنه يقتبس كثيراً من كلامه، وابن قيم الجوزية رحمهم الله تعالى.
خلّف ابن رجب طلبة مشهورين صاروا علماء منهم: الشيخ علي بن محمد البعلي المشهور بـ ابن اللحام صاحب كتاب القواعد الأصولية في المسائل، والأخبار العلمية الفقهية في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية.
وكذلك الشيخ عمر بن أحمد بن الملقن والذي بلغت مؤلفاته نحواً من ثلاثمائة، وهو من شيوخ ابن حجر العسقلاني.
إذاً ابن رجب من طبقة شيوخ ابن حجر العسقلاني، وكذلك من تلاميذه: أبو ذر عبد الرحمن بن محمد المصري الحنبلي المعروف بـ الزركشي، وكذلك شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد المقدسي النابلسي.