للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرب الزوجة]

ومشكلة أخرى من المشكلات في الحياة الزوجية: قضية الضرب؛ الضرب يحصل في الغالب من الرجل، أي من النادر أن تسمع أن زوجة ضربت زوجها، لكن الغالب أن الظلم في هذا يقع من الرجل، فهو الذي يحمل العصا أو الأنبوب البلاستيكي أو الحذاء ويضرب زوجته، ويد الرجل غير جلد المرأة وجسمها، فهذا الضرب إذا كان في غير مشروع فهو حرام وهو ظلم وتعدٍ يأثم الرجل عليه، وإذا كان نزل منها دماء، فأول ما يقتص يوم القيامة في الدماء، والجرح الذي يجرحه به الزوج زوجته لن يضيع عند الله، حقوق العباد لا تضيع، وكم من ظلمة في البيوت؛ بعضهم كسر عظم زوجته، أو جرحها وأسال دمها، أو كسر سنها، وربما عطل شيئاً من حواسها، أو أسقط جنينها، ونحو ذلك في قضية الضرب، وربما لا تستطيع أن تمشي، ثم إن هذا الضرب إذا علم في جسدها وصار علامة خضراء أو حمراء أو سوداء في الجسد، كيف تقابل الناس؟ وعندما يكون هذا في الوجه، كيف تقابل أهلها، وكيف تقابل الجيران بالضرب؟ ثم إن الضرب في الوجه أصلاً حرام، غير أن الضرب إذا كان غير مشروع فهو ظلم، كما إذا كان الضرب في الوجه فإنه يكون حراماً، ولذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، فأما بالنسبة لقضية الضرب فإليك هذه الأحاديث المبينة: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذأرن النساء على أزواجهن) أي: تمردن، أنت منعت الضرب، فبعض النساء العاصيات الناشزات أخذن راحتهن لما عرفن أن الضرب ممنوع، فرخص عليه الصلاة والسلام في ضربهن، ولكن ضرب من؟ ضرب الناشز -العاصية- فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يشتكين للنساء، جاءت نساء المدينة إلى نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته تشتكي كل واحدة إلى امرأة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم زوجها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأطاف بآل بيت محمد نساء يشتكين أزواجهن، ليس أولئك بخياركم) الرجال هؤلاء الذين يضربون ظلماً ليسوا بخياركم.

وقال عليه الصلاة والسلام: (ائت حرثك أنى شئت، وأطعمها إذا طعمت، واكسها إذا اكتسيت، ولا تقبح الوجه ولا تضرب) لا تقول: قبح الله وجهك، ولا تضرب في الوجه، والآن الضرب الذي يحصل في كثير من البيوت هو تعدٍ لحدود الله؛ لأنه ليس عقاباً تعزيرياً مشروعاً للناشز؛ لأنه قد تكون المرأة مطيعة، وإنما تضرب لأتفه الأسباب، أو تضرب ظلماً، هناك أناس عندهم نزعة سادية -كما يقولون في مذاهب علم النفس- يتلذذ بالتعذيب، عنده تعذيب الزوجة مسألة فيها لذة لنفسه، ولذلك فهو يشفي غليله ويريح نفسه إذا ضرب، فإن لم يضرب فلا يستريح، فهذه النوعية السيئة يقول عليه الصلاة والسلام مبيناً: (يعمد أحدكم فيجلدها جلد البعير، ولعله يضاجعها في آخر النهار!) أي: يلفت نظرنا، يقول: يا جماعة! يعمد أحدكم إلى امرأته فيجلد امرأته جلد البعير، ضرب مبرح جداً يعلم في الجسد، وفي آخر النهار يقول: تعالي للفراش، أي: كيف تتوافق القضية، كيف تتناسب هذه مع بعضها، كيف ينتقل من مرحلة الضرب الشديد إلى مرحلة الملاطفة؟! فهذا التناقض الذي يعيشه بعض الرجال مع زوجاتهم يعبر عن نفسية سيئة.

على الأقل لابد للإنسان قبل أن يضرب بأن ينصح إذا أخطأت ونشزت ولم تنتصح، إذا وعظت وهجرت في الفراش، فلم تجد فائدة فعند ذلك يُلجَأُ إلى الضرب، بعد أن يستنفذ جميع الحلول يلجأ للضرب، أما الضرب من أول شيء فخطأ ولو كانت المرأة مخطئة: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:٣٤] هنا ترتيب كما سنتكلم بعد قليل.