[أحب الأسماء إلى الله وحق الولد على أبيه في ذلك]
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم العباد بأن يسموا بأسماء هي أحب الأسماء إلى ربهم، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن) فلما علم العباد أن أحب الأسماء إلى ربهم عبد الله وعبد الرحمن كان من المستحب لهم أن يسموا أبناءهم بهذه الأسماء.
وتسمية المولود من حق الابن على أبيه، فإن هناك حقوقاً للولد على والده، وللوالد على ولده، ومن حقوق الولد على والده التي يجب على الوالد أن يهتم بها إحسان اسم المولود، ولهذا أثر عظيم في الواقع كما سيمر معنا إن شاء الله.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الرجل وله اسم لا يحبه حَوَّله، كما ورد في الحديث الصحيح: (وكان صلى الله عليه وسلم إذا سمع بالاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه) حديث صحيح، ولذلك كان لا يقتصر هذا التغيير على أسماء الناس بل إن الأمر قد تعدى في فعله صلى الله عليه وسلم إلى تغيير أسماء الأمكنة والأراضي التي سميت بأسماء قبيحة.
جاء في الحديث الصحيح: (كان إذا سمع اسماً قبيحاً غيره، فمر على قرية يقال لها: عثرة، فسماها خضرة) مع أنها أرض، ولكن إشاعة الأسماء الحسنة وإطلاق الأسماء الحسنة من شعائر الإسلام.
يقول خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة أن أباه قد ذهب مع جده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (ما اسم ابنك؟ قال: عزيز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسمه عزيزاً ولكن سمه عبد الرحمن، ثم قال: أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن والحارث) أخرجه الإمام أحمد بأكثر من إسناد وابن حبان مختصراً وكذا الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي وهو في السلسلة الصحيحة.
وفي الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي له بـ المنذر بن أبي أسيدٍ حين ولد، فوضعه على فخذه، فأقاموه، فقال: أين الصبي؟ فقال أبو سعيد: قلبناه يا رسول الله -أي: رددناه- قال ما اسمه قالوا: فلان -ولم يعين الراوي ما هو اسم المولود، ولكن بالتأكيد اسم غير جميل- فقال صلى الله عليه وسلم: ولكن سمّه المنذر) حديث صحيح.
وروى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه: (أنه عليه الصلاة والسلام غير اسم عاصية -بنت سماها أهلها عاصية- إلى جميلة، وأتي برجل يقال له: أصرم -وأنتم تعلمون ما في الصرامة من المعاني المقبوحة- فسماه صلى الله عليه وسلم زُرعة) رواه أبو داود وهو حديث صحيح.
وكان رجلٌ من الصحابة يسمى حزناً فسماه صلى الله عليه وسلم سهلاً، فأبى الرجل وقال: السهل يوطأ ويمتهن، كأنه لم يفطن إلى مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من التسمية بسهل من السهولة، فقال: كلا إن السهل يوطأ ويمتهن ويمشي عليه العباد، وفي رواية قال: لا أغير اسماً سمانيه أبي، ولنا مع هذه الجملة وقفة إن شاء الله.
وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله سمى المدينة طيبة أو طابة) ولذلك يكره تسميتها بالاسم الذي كان مشتهراً في الجاهلية وهو يثرب من التثريب وهو العيب، فسماها الله طيبة أو طابة فكان هذا هو الاسم الصحيح أو هو الاسم المستحب أن يطلق على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حكى الله سبحانه وتعالى في القرآن تسميتها ولكن عن المنافقين، فقال عز وجل: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب:١٢ - ١٣].