[الوعي العلمي للمرأة المسلمة]
ختاماً: نختم كلامنا بصفة مهمة من صفات المرأة أو لازمة للمرأة المسلمة: وهي صفة الوعي: إن صفة الوعي صفة مهمة، فالمرأة المسلمة تدار حولها المؤامرات، وتنسج لها شباك التحرر والرذيلة حتى تقع فيها، فإذا لم تكن المرأة على مستوى من الوعي، ومطلعة، وتقرأ، وكانت امرأة فاهمة، بل كانت مغفلة وسطحية ولا تستطيع أن تواجه المخطط، ولا أن ترد كيد الأعداء في نحرهم؛ قد تقع بسهولة في أشياء مثل مساجد الضرار، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومساجد الضرار التي أنشئت لتحتوي المرأة ولتوقعها في الرذيلة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وقد تكون من الجمعيات التي لها ارتباطٌ بأعداء الله تخرب المرأة، والمرأة مسكينة تجد أشياء خيرية ثم تذهب فتجد رفيقات السوء وتجد المجتمع السيئ وتذهب وتضيع وتنحل، إذا لم يوجد هناك وعي فإن المرأة تبتلع بسهولة وتسقط في حبائل شياطين الإنس والجن.
فنحن لا نريد أن يكون حال المرأة كما قال الشاعر الأول:
علموهن الغزل والنسج والردن وخلوا كتابة وقراءة
علموهن هذه الأشياء واتركها لا تقرأ ولا تكتب
فصلاة الفتاة بالحمد والإخلاص تُجزئ عن يونس وبراءة
هكذا يدعي، وقال آخر:
ما للنساء والكتابة والعمالة والخطابة
هذا لنا ولهن منا أن يبتن على جنابة
سبحان الله! انظر إلى عقلية الرجل، فقط المرأة وظيفتها أن يعاشرها ويجامعها.
لا يا أخي! هذه امرأة عندها طاقات، لكن المشكلة ما هي الحدود والضوابط الشرعية ماذا تقرأ المرأة؟ ما هي المجالات المناسبة لدراسة المرأة؟ سئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا الموضوع، فقال: ما فائدة دراسة المرأة مثلاً لأشياء من الهندسات التي لا فائدة فيها، لكن تدرس مثلاً: العلم الشرعي اللغة العربية الطب أو أي شيء مثل: التمريض في الحدود الشرعية في البيئات الشرعية والأماكن الشرعية بالإشراف الشرعي، فعند ذلك تخرج النوعيات المنتجة في المجتمع، وكذلك يدخل في مسألة الوعي غير إحباط المخططات الهدامة: قضية وعي المرأة عند الزواج، بعض النساء لا تعرف من سذاجتها وقلة وعيها كيف تسأل عن زوجها، وتقدم لها واحد فسألت قالوا: يصلي وفيه خير وأخلاقه جيدة جداً.
واحدة سألت تقول: إني تزوجت رجلاً فقالوا عنه: إنه ذو أخلاق وجيد وملتزم بالسنة وإنسان دين مستقيم، فلما دخل بي وجدت أنه لا يصلي ويستعمل المخدرات، قلت: سبحان الله العظيم! ألا يوجد تمييز أبداً؟! كيف؟! أنت عندما ترى المسألة أنه صالح ومستقيم وداعية إلى الله ودين وخير وملتزم بالسنة، ثم يكون في حقيقة الأمر أنه لا يصلي ويستعمل مخدرات، يعني هناك خلل وهناك شيء غريب في الموضوع، ليس هناك وعي في السؤال عن الزوج ولا عن تقصي الأخبار، يقابله في النوع الآخر غلو.
امرأة تقول: أنا سألت عن زوجي، مديره وأصحابه في العمل، وسألت ولد عمه، وسألت رجالاً، وأجريت اتصالات تقول: أريد أن أتوثق، فهذا كلام لا داعي له، فإذاً لا بد من قنوات اتصال مع أن المرأة تستطيع أن تسأل النساء لكن الوعي يكمن في تحليل الأخبار، وتبين مدى ثقة هذا الخبر من ذاك الخبر، واستبيان مدى ثقة هذا المصدر من ذلك المصدر، واستبيان هل هذا الخبر فيه عاطفة وتهويل، أو فعلاً من جهة موثوقة؟ هنا تكمن قضية الوعي أيضاً.
وأذكر هنا حادثة طريفة في نهاية الكلام: امرأة تورطت مع رجل وسألت عنه فقالوا لها: هذا زوج صالح فعقد عليها، فقبل الدخول قال لها: لماذا لا نذهب نتفسح أو نأخذ جولة على محلات الأثاث أو كذا من هذا النوع؟ فذهبت معه وهذا شيء جائز لأنه زوجها حتى لو لم تكن هناك وليمة، ففي الطريق تقول هذه المرأة: لاحظت أن الرجل هاوٍ، تارة يفتح الراديو وتارة الموسيقى رافعاً الصوت، فتقول: انفجعت وقلت: هذا ليس الرجل ولكن تريد أن تتبين الأمر، فقالت له وكان فيها ذكاء وحنكة: ما رأيك بـ عبد الحليم حافظ الفنان الفلاني؟ فالرجل أبدى الاستغراب، وقال: لا يجوز، الغناء حرام وكيف قالت له: أنا سمعت له كذا وكذا وأعرف قصة يعني عادية، فقال: هاه، وسردت له أشياء كانت تعرفها من جاهليتها السابقة، فبعد ما سردت له قال: الحمد لله، والله أنا كنت أظنك معقدة ومتزمتة ورجعية ومتخلفة وأنا تعبت وأنا أظهر كذا، الحمد لله أنك وفرت علي المشوار، ولن أتكلف بالتظاهر بهذا، الحمد لله الآن أصبحنا أنا وإياك متفاهمين وعلى خط واحد وهذا الشريط نسمع فيه، فلما وصلت إلى البيت طلبت منه فسخ العقد، وقالت: ضحكت علي وأنت كذا.
لكن ليس كل النساء يتهيأ لهن هذه الفرصة في الاختبار، يمكن أن تتورط فعلاً، فالشاهد من الكلام أن مسألة الوعي بهذه الأمور وعدم الاستعجال من المرأة في انتقاء الزوج وإحسان العلاقة معه والعشرة هذا شيء لابد منه.
وهذه آخر نصيحة أوجهها وهي إحسان العشرة والمعاملة الطيبة من كلا الجانبين للآخر، وألا تغتر المرأة وتكره زوجها، قد تقول: هذا قبيح وأنا جميلة، هذا مستواه الاجتماعي منخفض وأنا عالي، أو تقول: أنا ذكية وهو بطيء الفهم، أو أنا أعلم منه، على المرأة هذه أن تتقي الله عز وجل، وأن ترعى حق الله في نفسها وفي زوجها.
وختاماً: أيها الإخوة! أسأل الله لي ولكم الهداية في كل الأمور، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرزقنا وإياكم حسن التصرف في الأمور كلها، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.