في حادثة الذبح المشهورة، إبراهيم ما كان ينجب من زوجته، ومع ذلك يدعو الله ولو كان في الكبر، يقول:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات:١٠٠] ولم يقل: هب لي ولداً ذكراً وإنما {مِنَ الصَّالِحِينَ} يريد صالحاً؛ لأن مجرد الولد قد يكون عاراً وشناراً على أبويه:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات:١٠٠] فتعلم يا عبد الله! يا أيها المتزوج! كيف تطلب الولد من الله من سيرة أبيك إبراهيم {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}[الصافات:١٠٠].
المهم أن يكون صالحاً:{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ}[الصافات:١٠١ - ١٠٢] لما كبر الولد وشب وأطاق السعي مع أبيه، إذا بهذا الابتلاء العظيم من الله: يرى إبراهيم في المنام رؤيا ورؤيا الأنبياء حق: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}[الصافات:١٠٢] الولد من تربية الوالد: {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا}[الصافات:١٠٢ - ١٠٣] الولد والوالد: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}[الصافات:١٠٣] قلبه على قفاه لكي لا يشاهد علامات التألم عند الذبح، فربما يتردد، فشرع في الذبح ولكن الله كان يريد أن يبتلي ابتلاء يرفع به درجة ذلك النبي وولده:{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}[الصافات:١٠٤ - ١٠٦].
أن يذبح الولد الذي جاءه الآن بعد انتظار سنين طويلة دون إنجاب، بعدما بلغ معه السعي، فأي استسلام هذا! وأي طاعة لأمر الله! وفداه الله بذبح عظيم صار شعاراً وسنة وإلى الآن يذبح الناس الضحايا تذكيراً بسيرة ذلك النبي الكريم.