ومن الأحكام أنه يجب استئذانهما في الهجرة، جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال:(جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبواي يبكيان، فقال: ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما).
ويجب استئذانهما في الجهاد كما ثبت عند أبي داود:(أن رجلاً هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: هل لك أحد في اليمن؟ قال: أبواي، قال: هل أذنا لك؟ قال: لا.
قال: فارجع فاستئذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما) وهذا إذا لم يكن الجهاد فرض عين، وكان النفير عاماً، فإن كان النفير عاماً؛ فإنهما لا يطاعان في الجلوس.
وينبغي أن يعلم أن الجهاد قد يكون فرض عين، وطاعة الوالدين فرض عين كذلك، فلا يجب نسيان فروض الأعيان الأخرى والاحتجاج بأن هناك فرض عين، علماً أنه في كثير من الحالات يكون المستند الشرعي في إيجاب الجهاد على شخص بعينه غير وارد بأمور تتعلق بحال المسلمين، فإنه لا يجوز للمسلمين إعلان الجهاد إذا لم يكونوا على استعداد، وليست المسألة إلقاء المسلمين كالشياة لتذبح، وإنما إذا صارت المسألة مسألة دفاع عن النفس فإن المسلم يدافع عن نفسه، فالمسلم إذا دوهم في بيته أو عرضه وماله؛ يباح له أن يقاتل ويرفع السلاح ويدافع عن نفسه، ويجب على المسلمين دعمه وتقديم كل أشكال المساعدة الحربية والمالية والاقتصادية والمعنوية والدعوة والتعليم ونحو ذلك.
وقال الإمام أحمد في الرجل يغزو وله والدة، قال: إذا أذنت له وكان له من يقوم بأمرها يجوز له أن يجاهد.
وقال في رواية أبي داود: يظهر سرورها.
قال: هي تأذن لي.
قال أحمد: إن أذنت لك من غير أن يكون في قلبها، وإلا فلا تذهب.
قال الإمام أحمد: ينبغي أن تكون راضية قلبياً مطمئنة ومقتنعة، وجاء كلام المفسرين في أصحاب الأعراف أن منهم أناساً غزوا بغير إذن والديهم ولا رضا الوالدين فقتلوا، فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار، ومنعهم عصيانهم لآبائهم دخولهم الجنة، فهم على جبل بين الجنة والنار.