وأبو موسى الأشعري الإمام الكبير الفقيه المقرئ قدم على أهل البصرة فأقرأهم وفقههم، كانوا سادة يعلمون الناس وجاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحمل علماً غزيراً، وكان حسن الصوت بالقرآن جداً، حتى إن من الصحابة من كان يخرج بالليل قريباً من دار أبي موسى ليسمع صوته وهو يقرأ القرآن في قيام الليل، أُعطي مزماراً من مزامير آل داود، وكان فارساً مقداماً فلما رمي عمه بسهم من أحد الكفار؛ لحقه أبو موسى قال: ألا تستحي؟ ألست عربياً؟ ألا تثبت؟ فكف، وكان في العرب من الكفار نخوة قد زالت اليوم، فالتقيا فاختلفا ضربتين فقتله أبو موسى، وهو من قواد الصحابة الستة، والمفتين الأربعة في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، اجتهد قبل موته اجتهاداً شديداً في العبادة فقيل له: لو أمسكت ورفقت بنفسك، فقال:[إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها] الخيل إذا جاء نهاية السباق أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك فأنا أجتهد بأكثر ما عندي، وقال:[إني لأغتسل في البيت المظلم فأحمي ظهري حياء من ربي] رضي الله تعالى عنه.