قال ابن الجوزي: سمعته يقول في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ}[القصص:٨٠] قال: إيثار ثواب الآجل على العاجل حالة العلماء، فمن كان هكذا فهو عالم، ومن آثر العاجل فليس بعالم، يعني: أن العلماء من فقههم يقدمون الثواب الآجل على الشيء العاجل، ما دام الآجل أنفس وأحسن وأفضل وأعلى وأكثر، فإنهم بفقههم وبصيرتهم يريدون الثواب الأكثر ولو كان آجلاً يقدمونه على الشيء العاجل.
فهذا قارون عندما خرج على قومه في زينته، قال كثير من الناس:{يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[القصص:٧٩]{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ}[القصص:٨٠] يعني: في الآخرة، {لِمَنْ آمَنَ}[القصص:٨٠] فلا تلهينكم أموال قارون، ولا تعجبنكم هذه الأموال الطائلة، فإن ما عند الله في الآجل خيرٌ وأبقى من هذه الدنيا الفانية.
فمن كان نظره إلى الثواب الآجل فهو عالم، ومن كان نظره مقتصراً على الثواب العاجل دون الآجل فليس بعالم.