ومن حقوق الأهل ملاطفتهم وممازحتهم ومداعبتهم، والدعابة: هي الملاطفة في القول بالمزاح، وليس المقصود أن ينقلب الإنسان إلى شخص هزلي أبداً، بل إن الشخص الهزلي هذا إنسان ليس لكلامه تأثير في النفوس؛ لأن هزله يقضي على تأثير كلامه، ولا يكاد الناس يحترمونه؛ فتسقط مهابته ووقاره، لكن لو قلت لي: هل أحتشم عند الناس الغرباء أكثر أو عند أهلي؟ فأقول: طبعاً عند الناس الغرباء أكثر، لكن عند أهلك يمكن أن تمازح أكثر، المشكلة أن بعض الشباب يمازحون أصحابهم أكثر مما يمازحون أهليهم، فيسقط وقاره عند أصحابه، وعند أهله يظل عبوساً لا يكاد يمازح كيف هذا؟! أنت مع الشباب في مزح وضحك، ثم قد يكون هناك واحد هو المهرج وهو مضحك القوم وإذا جاء ضحكوا من مجرد رؤيته، وإذا قال كلمة ضحكوا.
ولذلك بعض أهل العلم قال: من الغلط أن يتخذ المزاح حرفة نقله ابن حجر في فتح الباري، يأتي واحد يشتغل مهرجاً أو ممثلاً كوميدياً، ليس هناك شيء اسمه ممثل كوميدي في الإسلام؛ لأن هذا يتخذ المزاح حرفة، ولذلك فإن الإكثار منه يقضي على جدية الإنسان وعلى كلامه عند الناس، لكن الإنسان إذا كان عند أهله فله أن يمازح أكثر مما يمازح خارج البيت، لأن طبع المعاشرة للأهل الممازحة والملاطفة وفيهم صبيان وأطفال، والرجل مع زوجته ربما تغضب الزوجة فيعطيها من الكلام الطيب والضحك، فتنتهي المشكلة وتمشي الأمور والحمد الله.