للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضية العدل بين الأبناء]

بالنسبة لقضية العدل بين الأبناء؛ فإن هذه المسألة في غاية الأهمية؛ لأنها داخلة في التربية أيضاً والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بها: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم) أمر بها وكرر الأمر في ذلك.

ولما جاءه أب يقول: نحلت ابني غلاماً -وهبه عبداً- والأم طلبت أن أشهدك عليه يا رسول الله، اشهد لي يا رسول الله! قال: (أله إخوة؟ قال: نعم.

قال: أفكلهم أعطيت مثلما أعطيته؟ قال: لا.

قال: فليس يصلح هذا، إني لا أشهد إلا على حق) وفي رواية: (إني لا أشهد على جور) وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جوراً، إنه ظلمٌ إذاً الذي يحدث هذا وقال: (أشهد على هذا غيري) ورفض أن يشهد، هذه قضية العدل بين الأولاد.

وهناك قصة لطيفة رواها البيهقي في شعب الإيمان: أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابن له ذكر، فقبله وأجلسه في حجره، ثم جاءت ابنته -بنت نفس الأب هذا- فأخذها فأجلسها إلى جنبه.

إذاً الابن في حجره والبنت إلى جنبه، والابن قبله والبنت لم يقبلها بل أجلسها إلى جنبه فقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فما عدلت بينهما) والحديث صححه الألباني رحمه الله.

السلف يستحبون العدل بين الأولاد حتى في القبلات، العدل مأمورٍ به يؤتى يوم القيامة مغلولاً يفكه عدله، أو يوبقه جوره وظلمه.

قضية العدل التي تجعل تسوية الأعطيات في العيديات موجودة، وللذكر مثل حظ الأنثيين على ما رجحه عددٌ من أهل العلم كـ ابن القيم رحمه الله تعالى، والتفضيل في الزيادة إذا كانت لسبب شرعي فلا بأس، هذا الولد تفوق في الدراسة، هذا الولد حفظ السور وما حفظها الآخر فيعطى جائزة والآخر لا يعطى، لكن لأجل السبب، لكن الأشياء التي ليس لها سبب لا يجوز فيها التفضيل وإعطاء واحد أكثر من الآخر قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ويؤدي عدم العدل إلى الكره بين الإخوة، إلى عقد نفسية، إلى إتاحة الفرصة لأصدقاء السوء ليعطوا هذا الشخص المبخوس حقه ويجروه إلى عالم المخدرات والرذائل، قضية عدم العدل التي تسبب ألا يضروه، لا يضروا أباهم، ولذلك قال له في الحديث: (أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟) يبروك معاً.

وبعض الآباء -هداهم الله- يفاضلون بدون أسباب شرعية، فيقول: هذا يشبهني، فيعطيه زيادة، هذا يشبه أخواله هذا ليس تابعاً لنا، سبحان الله العظيم! ولكن يقول: هذا يطيعني يخدمني، ذاك لا يخدمني، هذا ليس سبباً للمفاوتة، بل المساواة تؤدي إلى أن الآخر يخدمك كما خدمك ذاك، وهكذا -أيها الإخوة والأخوات- ينبغي أن نتحرى العدل في أولادنا ذكوراً وإناثاً، ونسأل الله سبحانه التوفيق.