بعض الناس قد يتدينون ويستقيمون من باب تغيير الجو لا حباً لله، ولكن سئم من حياته التي يعيش فيها فنظر فرأى أعداداً من المستقيمين كثر، فدفعه حب الاستطلاع أن يعرف كيف يعيش هؤلاء الناس؟ هل هؤلاء الناس سعداء أم غير سعداء؟ دعني أنظر كيف يعيشون؟ كيف يكون نمط حياتهم؟ فلأعمل مثلهم، وألتقي بهم، وأسير معهم من باب التغيير.
وقد يحس البعض في البداية بأن حياة الاستقامة والالتزام حياة جميلة؛ لأنها جديدة عليهم، وقد يحس الواحد في أول أمره بفيض من المشاعر يغمره، مثل: مشاعر الأخوة في الله، أو المشاعر التي تنتج عن عمرة، أو حجَّ في البداية يكون له طعم خاص، وبعض جلسات العلم في بداية أمرها يكون لها طعم خاص، وبعض المناسبات الإسلامية مثل الرحلات وغيرها تحتوي على أمور لم يكن يألفها من قبل، ولم تقع عينه عليها، فتلعب عوامل الإثارة دوراً مهماً في انجذاب هذا الشخص في البداية وتحمسه، ولكن بعد ذلك يدب التعب والملل، وتذهب تلك الإثارة؛ لأن الشيء الذي كان جديداً عليه قد أصبح معتاداً، وحب الاستطلاع الذي دفعه في البداية لأن يفعل ما فعل قد أصبح الآن زائلاً؛ لأنه -الآن- قد عرف كيف يعيشون فهو يخرج كما دخل، تأثرات في البداية ثم تنتهي، وهذا من فساد الابتداء.
وبعضهم يدخل في طريق الاستقامة على أن هذه تجربة جديدة فليجرب التدين، ويكون في نهاية أمره يعود منحرفاً كما كان، ومن الناس من يكون فساد ابتدائه بأن يقبل منه في بداية أمره بقاؤه على نوع معين من المنكرات، أو يقبل منه أن يلتزم بجوانب من الدين في المظهر مثلاً ولكن لا بأس أن يفعل بعض المنكرات الأخرى، فهذا لا يلبث أن يستمر طويلاً؛ بل سرعان ما ينتكس ويسقط.