وهذه عبارة عظيمة جداً أهل البدع لا أحد منهم يقول: أنا أريد شراً، لا أصحاب المسابح الألفية ولا أصحاب الصلوات النارية، ولا أصحاب الأذكار الصمدية، ولا أصحاب اللطيفية، يا لطيف أربعة آلاف وأربعمائة وأربعين مرة! ولا أصحاب البدع المختلفة من الموالد وغيرها.
ولا يقول: أريد بدعة، كلهم يقول: نريد الخير، نريد إحياء القلوب، نريد الذكر والحسنات، نريد الأجر، نريد التحميس، نريد الضبط وهكذا، فقال ابن مسعود: وكم من مريدٍ للخير لم يصبه! أي: فكونكم تريدون الخير، لا يبرر العمل -إذا كان العمل خطأ فالمائة الحسنة لا تبرره، يبقى العمل خطأ ولو كانت النية حسنة.
ليت أصحاب البدع من الصوفية وغيرهم يفقهون هذه الكلمة، النية الحسنة لا تبرر البدعة، تبقى البدعة بدعة، والخطأ خطأ ولو كانت نية حسنة، ولو كان يقصد الخير، ولو قال لك: اجتمعنا في المولد في اثني عشر ربيع الأول لنتذكر سنة محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته، ولو كنتم تريدون الخير، ولو كنتم تقصدون إحياء السيرة وتذكرها، يبقى الاحتفال بالمناسبة بدعة، والاجتماع عليها بدعة، ويبقى إظهار الاحتفال والفرح بها عيدٌ مبتدع مخالف، وكم من مريدٍ للخير لم يصبه.
كنتُ أناقش شخصاً قبل أيام في مسألة الاحتفال بيوم المولد، فقال: نحن نجتمع في يوم المولد ونعمل أشياء، وفينا أحد المشايخ يرى الرسول صلى الله عليه وسلم كل ليلة في المنام، ويأخذ منه تعليمات.
وهذه كارثة أيها الإخوة، يرى الرسول كل ليلة! هل الرؤية باليد، أم بالريموت كنترول؟ واحد إذا ضغط على زر يأخذ قليلاً من النوم ثم يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يا ليت رؤيا النبي عليه الصلاة والسلام بالمنام كانت مسألة باليد، إذاً لكان الواحد ضغط الزر ونام، أو يقول أذكاراً معينة وينام ويأتيه الرسول في المنام، هذا يقول: شيخنا يرى الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ليلة، قلت له: في كل ليلة؟! قال: لا يمر أسبوع إلا ويراه، ثم قال: يتلقى منه تعليمات، وهذه طبعاً كارثة كبيرة جداً جداً، أي: يتلقى منه تعليمات، يعني ممكن أن يقول: الكتاب والسنة الآن على جنب، وفتح باب جديد، لأن هناك تعليمات إضافية، يأتيه في المنام ويقول له تعليمات، وافعل وقل لأتباعك، وقل لأصحابك أن يفعلوا كذا كذا.
وهذا هو الخطر العظيم وهذا هو الشر الداهم والمستطير أن يقال: جاءنا في المنام، لو جاءه أحد فقد جاءه إبليس قطعاً.