هل النصائح فقط في الأمور الشرعية، أم أنها تتعدى إلى أكثر من هذا؟ الحقيقة أنها تتعدى إلى أكثر من هذا، فمن النصيحة للمسلم بالإضافة إلى ما ذُكِرَ سابقاً، نصيحة المسلم بالأخطار التي تحيط به، إذا أحسست بأن أخاك المسلم في خطر فعليك أن تنصحه فوراً، وتنبهه على هذه الأخطار المحدقة به، وكيف السبيل إلى النجاة منها؟ الدليل:{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى}[القصص:٢٠] أي: من آخر المدينة مع طول المسافة (يسعى) يشتد بالمشي {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}[القصص:٢٠] فالنصيحة هنا ماذا ترتب عليها؟ وماذا تطلبت من هذا المؤمن الذي كان يخفي إيمانه لما علم بالمؤامرة وبالتخطيط لقتل موسى؟ ماذا استشعر هذا المسلم الذي يخفي إيمانه من واجب النصيحة؟ أن يأتي من أقصى المدينة مع طول المسافة ويشتد ويسعى في المشي حتى يأتي إلى موسى وينبهه إلى الخطر، يقول له: انتبه احذر {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ}[القصص:٢٠] دله أولاً على الخطر، ثم دله على السبيل، فاخرج من هذه المدينة ولا تختبئ؛ لأنهم سوف يبحثون عنك ويمسكوك:{فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ}[القصص:٢٠ - ٢١] وخرج إلى مدين إلخ آخر القصة فانظر رحمك الله إلى الفقه العظيم الذي فقهه أولئك المؤمنون الأوائل من هذه القضية.